للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا السُّنةُ: فمِنها قَولُ النبيِّ : «اسمَعوا وأَطِيعوا وإنْ استُعمِلَ عليكم عبدٌ حَبشيٌّ كانَ رَأسَه زَبيبةٌ» (١).

وعن ابنِ عُمرَ عن النبيِّ قالَ: «على المَرءِ المُسلمِ السَّمعُ والطَّاعةُ فيما أحَبَّ وكَرِهَ، إلا أنْ يُؤمَرَ بمَعصيةٍ، فإنْ أُمرَ بمَعصيةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ» (٢).

وعن عَليٍّ قالَ: «بعَثَ النبيُّ سَريَّةً وأمَّرَ عليهِم رَجلًا مِنْ الأنصارِ وأمَرَهم أنْ يُطيعوهُ، فغَضِبَ عليهم وقالَ: أليسَ قد أمَرَ النبيُّ أنْ تُطيعونِي؟! قالوا: بلى، قالَ: قد عَزَمتُ عليكم لمَا جَمَعتُم حَطبًا وأوقَدتُم نارًا ثمَّ دَخَلتُم فيها، فجَمَعوا حَطبًا فأوقَدُوا، فلما هَمُّوا بالدخولِ فقامَ يَنظرُ بعضُهم إلى بعضٍ قالَ بَعضُهم: إنما تَبِعْنا النبيَّ فِرارًا مِنْ النارِ، أفنَدخلُها؟ فبَينَما هم كذلكَ إذْ خمَدَتِ النارُ وسكَنَ غضَبُه، فذُكِرَ للنبيِّ فقالَ: «لو دَخَلوها ما خَرَجوا منها أبدًا، إنما الطاعةُ في المَعروفِ» (٣).

قالَ محمدُ بنُ جَريرٍ : في حَديثِ عليٍّ وحديثِ ابنِ عُمرَ البَيانُ الواضِحُ عن نَهيِ اللهِ على لِسانِ رَسولِه عِبادَه عن طاعةِ مَخلوقٍ في مَعصيةِ خالِقِه، سُلطانًا كانَ الآمِرُ بذلكَ أو سُوقةً أو والدًا أو كائنًا مَنْ كانَ، فغيرُ جائزٍ لأحَدٍ أنْ يُطيعَ أحَدًا مِنْ الناسِ في أمرٍ قد صَحَّ عندَه نَهيُ اللهِ عنه، فإنْ


(١) رواه البخاري (٦٧٢٣).
(٢) رواه البخاري (٢٧٩٦)، ومسلم (١٨٣٩).
(٣) رواه البخاري (٦٧٢٦)، ومسلم (١٨٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>