أحَدُها: ما لا يَمنعُ مِنْ صحَّةِ الإمامةِ في عَقدٍ ولا استدامةٍ، وهو ما لا يؤثِّرُ فقدُه في رأيٍ ولا عَملٍ ولا نهوضٍ ولا يَشينُ في المَنظرِ، وذلكَ مثلَ قَطعِ الذكَرِ والأُنثيينِ، فلا يَمنعُ مِنْ عقدِ الإمامةِ ولا مِنْ استدامتِها بعدَ العقدِ؛ لأنَّ فقْدَ هَذينِ العُضوينِ يؤثُّرِ في التناسُلِ دونَ الرأيِ والحِنكةِ، فيَجري مَجرى العُنَّةِ، وقد وصَفَ اللهُ تعالَى يحيَى بنَ زكريًّا بذلكَ وأثنَى عليهِ فقالَ: ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩)﴾ [آل عمران: ٣٩]، وفي الحَصورِ قَولانِ:
أحَدُهما: إنه العِنِّينُ الذي لا يَقدرُ على إتيانِ النساءِ، قالَه ابنُ مَسعودٍ وابنُ عباسٍ، والثَّاني: إنه مَنْ لم يَكنْ له ذكَرٌ يَغشَى به النِّساءَ، أو كانَ كالنواةِ، قالَه سعيدُ بنُ المُسيبِ.
فلمَّا لم يَمنعْ ذلكَ مِنْ النبوَّةِ فأَولى أنْ لا يَمنعَ مِنْ الإمامةِ، وكذلكَ قَطعُ الأذُنينِ؛ لأنهما لا يؤثِّرانِ في رأيٍ ولا عَملٍ، ولهمَا شَينٌ خَفيٌّ يمكِنُ أنْ يَستتَرَ فلا يَظهرَ.
والقِسمُ الثاني: ما يَمنعُ مِنْ عقدِ الإمامةِ ومِن استِدامتِها، وهو ما يَمنعُ مِنْ العَملِ كذَهابِ اليدينِ، أو مِنْ النُّهوضِ كذَهابِ الرِّجلينِ، فلا تَصحُّ معه الإمامةُ في عقدٍ ولا استِدامةٍ؛ لعَجزِه عما يَلزمُه مِنْ حُقوقِ الأمَّةِ في عِلمٍ أو نَهضةٍ.
والقِسمُ الثالثُ: ما يَمنعُ مِنْ عَقدِ الإمامةِ، واختُلفَ في منعِه مِنْ استِدامتِها، وهو ما ذهَبَ به بعضُ العَملِ أو فقَدَ به بعضَ النهوضِ، كذهابِ