للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ عابدينَ : وعن أبي يُوسفَ: إذا لم تكُنِ الجَماعةُ على الهَيئةِ الأُولى، لا تُكرَه، وإلَّا تُكرَه، وهو الصَّحيحُ، وبالعُدولِ عن المِحرابِ تَختلِفُ الهَيئةُ.

ورُويَ عن مُحمدٍ أَنَّه إنَّما يُكرَه إذا كانَتِ الثَّانيةُ على سَبيلِ التَّداعي والاجتِماعِ، فأمَّا إذا لم يكن، فلا يُكرَهُ (١).

ويَقولُ المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِلإمامِ الرَّاتبِ أن يَجمعَ ثانيًا -يَعني أن يُصلِّيَ جَماعةً- في مَسجدِه، إذا جَمعَ غيرُه -مِنْ مُؤذِّنٍ ونحوِه- قبلَه بغيرِ إذنِه، إلا أن يُؤَخر كَثيرًا؛ بحيثُ يَضُرُّ بهمُ انتِظارُه، ومِثلُه إذا أذِنَ لهمُ الجَمعُ؛ فليس له حينئِذٍ أن يَجَمعَ بعدَهم، أي: يُكرَه له ذلك؛ لِسُقوطِ مُراعاةِ حقِّه.

وإذا دخلَ جَماعةٌ المَسجدَ بعدَ الجَماعةِ يُندَبُ لهمُ الخُروجُ مِنْ المَسجدِ؛ لِيَجمَعوا في خارِجِه، أو مع إمامٍ راتِبٍ، أو في مَسجدٍ لا راتِبَ له، ولا يُصَلُّونَ في المَسجدِ أفذاذًا؛ لِفَواتِ فَضلِ الجَماعةِ، إلا أن يَكونَ اجتِماعُهم بأحَدِ المَساجِدِ الثَّلاثةِ (الحَرامِ، النَّبوِيِّ، الأقصى) فيُصَلُّونَ بها أفذاذًا؛ لِفَضلِ فَذِّها على جَماعةِ غيرِها، هذا إذا دَخَلوها فوَجَدوا إمامَها صلَّى، وأمَّا إن عَلِموا بصَلاتِه قبلَ دُخولِهم فإنَّهم يَجمَعونَ في خارِجِها، ولا يَدخُلونَها لِيُصَلُّوا أفذاذًا (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ١٥٣)، و «المبسوط» (١/ ١٣٥)، وابن عابدين (١/ ٥٥٢، ٥٥٣)، و «درر الحكام» (١/ ٣٦٩)، و «العِناية شَرح الهداية» (١٥/ ٣٤٧)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ١١٥).
(٢) «حاشية الدُّسوقي مع الشَّرح الكبير» (١/ ٣٣٢)، و «المدوَّنة» (١/ ٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٠)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢١٢)، و «التاج والإكليل» (٢/ ١١٣)، و «الكافي» (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>