فصلٌ: لم يُفرِّقْ أصحابُنا بينَ الخَوارجِ وغيرِهم في هذا، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ وأصحابِ الرأيِ.
وظاهِرُ كَلامِ أحمَدَ ﵀ أنه لا يُصلَّى على الخَوارجِ؛ فإنه قالَ: أهلُ البِدَعِ إنْ مَرِضوا فلا تَعودُوهُم، وإنْ ماتوا فلا تُصَلُّوا عليهِم، وقالَ أحمَدُ: الجَهميةُ والرافِضةُ لا يُصلَّى عليهِم، قد ترَكَ النبيُّ ﷺ الصلاةَ بأقلَّ مِنْ هذا، وذكَرَ «أنَّ النبيَّ ﷺ نهَى أنْ تُقاتَلَ خَيبَرُ مِنْ ناحيةٍ مِنْ نواحيها، فقاتَلَ رَجلٌ مِنْ تلكَ الناحِيةِ فقُتلَ فلَم يُصَلِّ عليهِ النبيُّ ﷺ، فقيلَ: إنه كانَ في قَريةٍ أهلُها نَصارَى ليسَ فيها مَنْ يُصلِّي عليهِ، قالَ: أنا لا أشهَدُه، يَشهدُه مَنْ يَشاءُ».
وقالَ مالِكٌ: لا يُصلَّى على الإباضِيةِ ولا القدَريةِ وسائرِ أصحابِ الأهواءِ، ولا تُتبعُ جَنائزُهم ولا تُعادُ مَرضاهُم.
والإباضيةُ صِنفٌ مِنْ الخَوارجِ نُسِبوا إلى عَبدِ اللهِ بن إباضِ صاحِبِ مَقالَتِهم، والأزارِقةُ أصحابُ نافعِ بنِ الأزرَقِ، والنَّجداتُ أصحابُ نَجدةِ الحَروريِّ، والبَيهسيةُ أصحاب بَيهسَ، والصُّفريةُ قيلَ: إنهم نُسِبوا إلى صُفرةِ ألوانِهم، وأصنافُهم كَثيرةٌ، والحَروريةُ نُسِبوا إلى أرضٍ يقالَ لها حَروراءُ خَرَجوا بها.
وقالَ أبو بكرِ بنُ عيَّاشٍ: لا أصلِّي على الرافِضيِّ؛ لأنه زعَمَ أنَّ عُمرَ كافرٌ، ولا على الحَروريِّ؛ لأنه يَزعمُ أنَّ عَليًّا كافرٌ.
وقالَ الفِريابيُّ: مَنْ شتَمَ أبا بَكرٍ فهو كافِرٌ ولا يُصلَّى عليهِ، ووَجهُ تَركِ الصلاةِ عليهِم أنهم يُكفِّرونَ أهلَ الإسلامِ ولا يَرَونَ الصلاةَ عليهِم،