للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ قُدامةَ : وإن كانَ البَلدُ ثَغرًا، فالأفضَلُ اجتِماعُ النَّاسِ في مَسجدٍ واحدٍ؛ ليَكونَ أعلى لِلكَلِمةِ، وأوقَعَ لِلهَيبَةِ، وإذا جاءَهُم خَبرٌ عن عَدُوِّهم سمِعه جَميعُهم، وإن أرادوا التَّشاوُرَ في أمرٍ حَضرَ جَميعُهم، وإن جاءَ عَينُ الكُفَّارِ رآهُم فأخبَرَ بكَثرَتِهم.

وقالَ الأوزاعيُّ: لو كانَ الأمرُ إلَيَّ لسمَّرتُ أبوابَ المَساجِدِ التي في الثَّغرِ أو نحوِ هذا؛ ليَجتَمعَ النَّاسُ في مَسجدٍ واحدٍ (١).

والصَّلاةُ في المَساجِدِ الثَّلاثةِ -المَسجدِ الحَرامِ، والمَسجدِ النَّبَويِّ، والمَسجدِ الأقصى-، وإن قَلَّت، أفضَلُ منها في غيرِها، وإن كَثُرَت، بل قالَ المُتولِّي مِنْ الشافِعيَّةِ: الانفِرادُ فيها أفضَلُ مِنْ الجَماعةِ في غيرِها (٢).

وما سبقَ مِنْ أفضَليَّةِ صَلاةِ الجَماعةِ في المَسجدِ إنَّما هو بالنِّسبةِ لِلرِّجالِ، أمَّا النِّساءُ فالجَماعةُ لَهنَّ في البُيوتِ أفضَلُ منها في المَسجدِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «صَلاةُ المَرأَةِ في بَيتِهَا أَفضَلُ مِنْ صَلاتِهَا في حُجرَتِها، وَصَلاتُهَا في مَخدَعِها أَفضَلُ مِنْ صَلاتِهَا في بَيتِهَا» (٣).


(١) «المغني» (١/ ٣٨١).
(٢) «مغني المحتاج» (١/ ٢٣٠).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٧٠)، وابن خُزَيمة في «صحيحه» (٣/ ٩٥)، ويُنظر: «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٧٢، ٤٤٣، ٤٧٣)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٠٥)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٨٢، ١١٧)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢٤١)، و «القوانين الفقهية» (٥٥)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٥٦)، وباقي المصادِرِ المَذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>