للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارَ أحقُّ بهَديَّةِ جارِه ومَعروفِه مِنْ البَعيدِ (١).

وقالَ النَّوويُّ : فإن كان هناك مَساجِدُ فذَهابُه إلى أكثَرِها جَماعةً أفضَلُ؛ لِلحَديثِ المَذكورِ، فلو كانَ بجِوارِه مَسجدٌ قَليلُ الجَمعِ، وبالبُعدِ منه مَسجدٌ أكثرُ جَمعًا، فالمَسجدُ البَعيدُ أولى، إلا في حالَتَينِ:

إحداهما: أن تَتعطَّلَ جَماعةُ القَريبِ؛ لِعُدولِه عنه؛ لكَونِه إمامًا، أو لكَونِه يَحضُرُ النَّاسُ بحُضورِه؛ فحينئِذٍ يَكونُ القَريبُ أفضَلَ.

الأُخرى: أن يَكونَ إمامُ البَعيدِ مُبتَدِعًا، كالمُعتزِليِّ أو غيرِه، أو فاسِقًا، أو لا يَعتقدُ وُجوبَ بعضِ الأركانِ؛ فالقَريبُ أفضَلُ.

فإن كان مَسجدُ الجِوارِ لا جَماعةَ فيه، لو حَضرَ هذا الإنسانُ فيه لَم يَحصل جَماعةٌ، ولم يَحضُره غيرُه؛ فالذَّهابُ إلى مَسجدِ الجَماعةِ أفضَلُ بالاتِّفاقِ (٢).

وإذا صلَّى في البَيتِ جَماعةً فهو أفضَلُ مِنْ الانفِرادِ بمَسجدٍ -لِلخَبرِ السابقِ-؛ لأنَّ الفَضيلةَ المُتعلِّقةَ بنَفسِ العِبادةِ أفضَلُ مِنْ الفَضيلةِ المُتعلِّقةِ بمَكانِها أو زَمانِها.

ولو كانَ إذا ذَهب إلى المَسجدِ وتركَ أهلَ بَيتِه لَصَلُّوا فُرادى، أو لتَهاوَنوا، أو بَعضُهم في الصَّلاة، أو لو صلَّى في بَيتِه لَصلَّى جَماعةً، وإذا صلَّى في المَسجدِ صلَّى وَحدَه، فصَلاتُه في بَيتِه أفضَلُ (٣).


(١) «المغني» (٢/ ٣٨١).
(٢) «المجموع» (٥/ ٢٥٢).
(٣) «مغني المحتاج» (١/ ٢٣٠)، و «أسنى المطالب» (١/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>