للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِمائِهم وأموالِهم ما حصَلَ مِنْ ضَرورةِ دَفعِهم وقتالِهم، وما عَداهُ يَبقى على أصلِ التحريمِ (١).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : ولا يَجوزُ لأهلِ العَدلِ أخذُ أموالِ أهلِ البغيِ؛ لقَولِه : «ولا يُقسمُ فَيؤُهم».

ورُوِيَ «أنَّ عليًّا وأرضاهُ استُؤذِنَ يومَ الجَملِ في النَّهبِ، فقالَ: إنهم يَحرُمونَ بحُرمةِ الإسلامِ، ولا يَحلُّ مالُهم».

فإنِ انقَضتِ الحَربُ ورَجَعوا إلى الطاعةِ وكانَ في يَدِ أهلِ العَدلِ مالٌ لأهلِ البغيِ، أو في يَدِ أهلِ البَغيِ مالٌ لأهلِ العَدلِ .. وجَبَ ردُّ كلِّ مالٍ إلى مالِكِه؛ لقَولِه : «لا يَحلُّ مالُ امرِئٍ مُسلمٍ إلا بطِيبٍ نَفسٍ منهُ».

ورَوَى ابنُ قَيسٍ: «أنَّ مُناديَ عليٍّ وأرضاهُ نادَى: ألَا مَنْ عرَفَ مِنْ مالِه شَيئًا .. فلْيَأخذْه، فمَرَّ بنا رَجلٌ فعرَفَ قِدرًا له يُطبخُ به، فأرادَ أخْذَها، فسَألْناهُ أنْ يَصبِرَ حتى نَفرغَ مِنها فلَم يَفعلْ، فرَمى برِجلِها وأخَذَها».

ولا يَجوزُ الانتفاعُ بسِلاحِهم وكُراعِهم بغَيرِ إذنِهم مِنْ غيرِ ضَرورةٍ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: (يَجوزُ ذلكَ ما دامَتِ الحَربُ قائِمةً).

دليلُنا: قولُه : «لا يَحلُّ مالُ امرئٍ مُسلمٍ إلا بطِيبٍ نَفسٍ منه»، ولأنه مُسلمٌ، فلَم يَجُزِ الانتفاعُ بمالِه مِنْ غيرِ إذنٍ، كغيرِ الكُراعِ والسِّلاحِ وكأهلِ العَدلِ.

فإنْ دعَتْه على ذلكَ ضَرورةٌ بأنْ ذهَبَ سِلاحُه، أو خافَ على نَفسِه .. جازَ


(١) «المغني» (٩/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>