للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَسولُه أعلَمُ، فقالَ: لا يُتبعُ مُدبِرُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم، ولا يُقتلُ أسيرُهم، ولا يُقسمُ فَيؤُهم».

ولأنَّ المَقصودَ دَفعُهم وكَفُّهم وقد حصَلَ، فلَم يَجُزْ قَتلُهم كالصائلِ، ولا يَقتلونَ لِما يُخافُ في الثاني كما لو لم تَكنْ لهم فِئةٌ.

إذا ثبَتَ هذا فإنْ قتَلَ إنسانٌ مَنْ مُنعَ مِنْ قَتلِه ضَمِنَه؛ لأنه قتَلَ مَعصومًا لم يُؤمَرْ بقتلِه، وفي القِصاصِ وَجهانِ:

أحَدُهما: يَجبُ؛ لأنه مِكافئٌ مَعصومٌ، والثَّاني: لا يَجبُ؛ لأنَّ في قَتلِهم اختِلافًا بينَ الأئمَّةِ، فكانَ ذلكَ شُبهةً دارِئةً للقِصاصِ؛ لأنه مما يَندرئُ بالشبُهاتِ.

وأما أسيرُهم فإنْ دخَلَ في الطاعةِ خُلِّيَ سَبيلُه، وإنْ أبَى ذلكَ وكانَ رَجلًا جَلدًا مِنْ أهلِ القِتالِ حُبسَ ما دامَتِ الحَربُ قائِمةً، فإذا انقَضتِ الحَربُ خُليَ سَبيلُه وشُرطَ عليهِ أنْ لا يَعودَ إلى القِتالِ، وإنْ لم يَكنِ الأسيرُ مِنْ أهلِ القِتالِ كالنِّساءِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ الفانينَ خُليَ سَبيلُهم ولم يُحبَسوا في أحَدِ الوَجهينِ، وفي الآخَرِ: يُحبَسونَ؛ لأنَّ فيه كَسرًا لقُلوبِ البغاةِ، وإنْ أسَرَ كلُّ واحدٍ مِنْ الفَريقينِ أُسارَى مِنْ الفريقِ الآخَرِ جازَ فِداءُ أسارَى أهلِ العَدلِ بأُسارَى أهلِ البغيِ، وإنْ قتَلَ أهلُ البغيِ أُسارى أهلِ العَدلِ لم يَجُزْ لأهلِ العَدلِ قتلُ أساراهُم؛ لأنهم لا يُقتَلونَ بجِنايةِ غيرِهم ولا يَزِرونَ وِزرَ غيرِهم، وإنْ أبَى البُغاةُ مُفاداةَ الأسرى الذينَ معَهم وحَبَسوهُم احتَملَ أنْ يَجوزَ لأهلِ العَدلِ حَبسُ مَنْ معَهم؛ ليَتوصَّلوا إلى تَخليصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>