للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقد، فأشبَه اللِّصَّ الحَربيَّ، ويَحرُمُ قَتلُه بسَببِ نَقضِ العَهدِ إذا أسلَمَ (١).

هذا، ولا يَبطُلُ أمانُ ذُرِّيَّتِهم ونِسائِهم بنَقضِ عَهدِهم عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ (الحَنفيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ)؛ لأنَّ النقضَ إنَّما وُجدَ من الرِّجالِ البالِغينَ دونَ الذُّرِّيةِ، فيَجبُ أنْ يَختَصَّ حُكمُه بهم، ويُفهَمُ من كَلامِ المالِكيةِ أنَّه تُسترَقُّ ذُرِّيتُهم (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : ولو أسلَمَ من انتَقضَ عَهدُه قبلَ أنْ يَختارَ الإمامُ شَيئًا، قالَ الأَصحابُ: لا يَجوزُ استِرقاقُه، بخِلافِ الأَسيرِ؛ لأنَّه لمْ يَحصُلْ في يَدِ الإِمامِ بالقَهرِ، فخَفَّ أمرُه، وهل يَبطُلُ أمانُ النِّساءِ والصِّبيانِ تَبعًا كما يَثبُتُ تَبعًا؟

وَجهان، أصَحُّهما: لا، إذا لمْ تُوجَدَ منهم خِيانةٌ ناقِضةٌ، فعلى هذا لا يَجوزُ سَبيُهم، ويَجوزُ تَقريرُهم في دارِنا؛ فإنْ طلَبوا الرُّجوعَ إلى دارِ الحَربِ أُجيبَ النِّساءُ دونَ الصِّبيانِ؛ إذْ لا حُكمَ لقَولِهم قَبلَ البُلوغِ؛ فإنْ كانَ الطالِبُ ممَّن يَستحِقُّ الحَضانةَ أُجيبَ إليه وإلا فلا، ولو نبَذَ ذِميٌّ إلينا العَهدَ واختارَ اللَّحاقَ بدارِ الحَربِ بلَّغناه المَأمَنَ على المَذهبِ، وأجرى القاضي حُسَينٌ فيه القَولَينِ؛ لأنَّه كافِرٌ لا أمانَ له (٣).


(١) «كشاف القناع» (٣/ ١٤٤)، و «المغني» (٨/ ٤٥٩، ٥٢٩).
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٧)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٩)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٣٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٤٤).
(٣) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>