للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَهب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى انعِقادِ الجَماعةِ باقتِداءِ الصَّبِيِّ مع حُصولِ فَضلِ الجَماعةِ؛ لأنَّه يَصحُّ أن يَكونَ إمامًا -عندَ الشافِعيَّة-؛ لأنَّه مُتنَفِّلٌ؛ فجازَ أن يَكونَ مَأمومًا بالمُفتَرِضِ كالبالِغِ؛ ولِذا قالَ النَّبيُّ في الرَّجلِ الذي فاتَته الجَماعةُ: «مَنْ يَتصدَّقُ على هذا فَيُصلِّيَ معَه؟» (١).

وَذَهب المالِكيَّةُ والإمامُ أحمدُ في الرِّوايةِ الثَّانيةِ إلى أَنَّه لا يَحصلُ فَضلُ الجَماعةِ باقتِداءِ الصَّبِيِّ في الفَرضِ؛ لأنَّ صَلاةَ الصَّبِيِّ نَفلٌ، فكَأَنَّ الإمامَ صلَّى مُنفرِدًا.

وأمَّا في التَّطوُّعِ فيَصحُّ بلا خِلافٍ ويَحصلُ فَضلُ الجَماعةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ أَمَّ ابنَ عبَّاسٍ مرَّةً وهو صَبيٌّ، وأَمَّ حُذَيفةَ مرَّةً أُخرى (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: إنَّ الإمامَ الرَّاتبَ -أي: الذي رتَّبه السُّلطانُ أو نائِبُه، أو الواقِفُ، أو جَماعةُ المُسلِمينَ لِلإمامةِ بمَحَلٍّ مُعَدٍّ لِصَلاةِ الجَماعةِ، مَسجدًا كانَ أو غيرَه، في الصَّلواتِ الخَمسِ أو بعضِها- إذا جاءَ في وقتِه المُعتَادِ له، أي: وقتِ الصَّلاةِ، فلَم يَجِد أحَدًا يُصلِّي معه، فصلَّى مُنفرِدًا بعدَ أن أذَّنَ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٧٤)، والإمام أحمد في «المسند» (١١٠١٩)، وابن حِبَّانَ في «صحيحه» (٢٣٩٨). ويُنظر: «معاني الآثار» (١/ ١٨٩)، وابن عابدين (١/ ٣٧٢)، و «المجموع» (٥/ ٢٥٠)، و «المغني» (٢/ ٣٨٠)، و «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ٢٥٣).
(٢) «الشَّرح الكبير» (١/ ٣٢٠)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٨٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٨٠)، و «المغني» (٢/ ٣٧٩)، و «فتح الباري» لا بن رجب (٤/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>