للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ: وإذا دخَلَ المُشرِكُ الحَرمَ بغيرِ إذنٍ عُزِّرَ ولمْ يُستبَحْ به قَتلُه، وإنْ دخَلَه بإذنٍ لمْ يُعزَّرْ، ويُنكَرُ على مَنْ أذِنَ له (١).

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : ليسَ لجَميعِ من خالَفَ دينَ الإسلامِ من ذِميٍّ أو مُعاهَدٍ أنْ يَدخُلَ الحَرمَ، لا مُقيمًا ولا مارًّا به، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ وأكثَرُ الفُقهاءِ، وجوَّزَ أبو حَنيفةَ دُخولَهم إليه إذا لمْ يَستوطِنوه، وفي قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨] نَصٌّ يَمنعُ ما عَداه؛ فإنْ دخَله مُشرِكٌ عُزِّر إنْ دخَلَه بغيرِ إذنٍ ولمْ يُستبَحْ قَتلُه، وإنْ دخَلَه بإذنٍ لم يُعزَّرْ وأُنكِرَ على الآذِنِ له.

وعُزِّرَ إنِ اقتَضَت حالُه التَّعزيرَ، وأُخرِج منه المُشرِكُ آمِنًا، وإذا أَرادَ مُشرِكٌ دُخولَ الحَرمِ ليسَلِمَ فيه مُنِع منه حتى يُسلِمَ قَبلَ دُخولِه، وإذا ماتَ مُشرِكٌ في الحَرمِ حرُمَ دَفنُه فيه، ودُفنَ في الحِلِّ؛ فإنْ دُفنَ في الحَرمِ نُقلَ إلى الحِلِّ، إلا أنْ يَكونَ قد بَلِيَ فُيتركَ فيه كما تُرِكت أَمواتُ الجاهِليةِ، وأمَّا سائِرُ المَساجدِ فيَجوزُ أنْ يُؤذَنَ لهم في دُخولِها ما لمْ يُقصَدْ بالدُّخولِ استِبذالُها بأكلٍ أو نَومٍ فيُمنَعوا.


(١) و «الأحكام السلطانية» للماوردي ص (١٨٨)، ولأبي يعلى ص (١٩٥)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٤١) وما بعدها، و «تفسير القرطبي» (٨/ ١٠٤)، و «الزرقاني» (٣/ ١٤٢)، و «الحطاب» (٣/ ٣٨١)، و «الجمل» (٥/ ٢١٥)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٨)، و «شرح مسلم» للنووي (١١/ ٩٤)، (١٢/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>