للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ المُنذِرِ : واختلَفوا في غُسلِ الكافرِ ودَفنِه، فكانَ مالِكٌ يَقولُ: لا يُغسِّلُ المُسلِمُ والدَه إذا ماتَ كافرًا، ولا يَتبَعُه، ولا يَدخلُ في قَبْرِه إلا أنْ يَخشى أنْ يَضيعَ، فيُواريَه.

وكانَ الشافِعيُّ يَقولُ: لا بأسَ أنْ يُغسِّلَ المُسلِمُ ذا قَرابَتِه من المُشرِكينَ، ويَتبعَه، ويَدفنَه، وبه قالَ أبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ.

قالَ أبو بَكرٍ: ليسَ في غُسلِ من خالَفَ الإسلامَ سُنةٌ يَجبُ اتِّباعُها، والحَديثُ الذي احتَجَّ به الشافِعيُّ مُنقطِعٌ لا تَقومُ به الحُجةُ، وقد رَوينا عن عُمرَ بنِ الخَطابِ أنَّه قالَ لأبي وائِلٍ وقد ماتَت أُمُّه نَصرانيةً فقالَ: «اركَبْ دابةً وسِرْ أمامَها»، ورُوي عن ابنِ عَباسٍ أنَّه قالَ: «يَقومُ عليه، ويَتبعُه، ويَدفنُه» وقد اختُلفَ فيه.

وقالَ الحَسنُ البَصريُّ : لا نَرى بأسًا أنْ يَحُثَّه أو يُكفِّنَه.

ثم رَوى عن أبي وائِلٍ، قالَ: ماتَت أُمِّي نَصرانيةً، فأتيتُ عُمرَ فذكَرَت له ذلك، فقالَ: «اركَب دابةً وسِرْ أمامَها».

وعن سَعيدِ بنِ جُبَيرٍ قالَ: كانَ عندَنا رَجلٌ كانَ له أبٌ يَهوديٌّ، أو نَصرانِيٌّ، فماتَ فلم يَتبعْه، فسألتُ ابنَ عَباسٍ فقالَ: «يَقومُ عليه ويَتبعُه ويَدفنُه».

وعن عبدِ اللهِ بنِ شَريكٍ العامِريِّ، قالَ: سَمِعت الحارثَ بنَ أبي رَبيعةَ سألَ ابنَ عُمرَ عن أُمٍّ له نَصرانيةٍ ماتَت، فقالَ له ابنُ عُمرَ: «نَأمرُ بأمرِك وأنتَ بَعيدٌ ثم تَسيرُ أمامَها؛ فإنَّ الذي يَسيرُ أمامَ الجِنازةِ ليسَ معها».

<<  <  ج: ص:  >  >>