بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨)﴾ [آل عمران: ١١٨] الآياتِ. قالَ: والمَعنى: لا تتَّخِذوا مَنْ يُداخِلُ بَواطنَ أُمورِكم ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾ أي: من غيرِكم: وهُم الكُفارُ ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ أي: لا يُقصِّرونَ فيما يَقدِرونَ على إيقاعِه من الفَسادِ والأذى والضَّررِ، ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ أي: يَقولونَ: نحن أَعداؤُكم، واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
رابِعًا: قَولُ الحَنابِلةِ:
قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: وليسَ المُسلِمونَ مُحتاجينَ إليهم وللهِ الحَمدُ، فقد كتَبَ خالِدُ بنُ الوَليدِ ﵁ إلى عُمرَ بنِ الخَطابِ ﵁ يَقولُ:«إنَّ بالشامِ كاتِبًا نَصرانيًّا لا يَقومُ خَراجُ الشامِ إلا به، فكتَبَ إليه: «لا تَستعمِلْه». فكتَبَ: إنَّه لا غِنى بِنا عنه. فكتَبَ إليه عُمرُ:«لا تَستعمِلْه»، فكتَبَ إليه: إذا لم نُولِّه ضاعَ المالُ. فكتَبَ إليه عُمرُ ﵁:«مات النَّصرانِيُّ، والسَّلامُ».
وثبَتَ في الصَّحيحِ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّ مُشرِكًا لحِقه ليُقاتِلَ معه فقالَ له:«إنِّي لا أستَعينُ بمُشرِكٍ».
وكما أنَّ استِخدامَ الجُندِ المُجاهِدينَ إنَّما يَصلُحُ إذا كانُوا مُسلِمينَ مُؤمِنينَ، فكذلك الذين يُعاونونَ الجُندَ في أَموالِهم وأَعمالِهم إنَّما تَصلحُ بهم أَحوالُهم إذا كانُوا مُسلِمينَ مُؤمِنينَ، وفي المُسلِمينَ كِفايةٌ في جَميعِ مَصالحِهم وللهِ الحَمدُ.