للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]. وقالَ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١] (١).

قالَ الحافِظُ ابنُ كَثيرٍ بعدَما ذكَرَ أثَرَ عُمرَ والآيةَ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾: ففي هذا الأثرِ مع هذه الآيةِ دَليلٌ على أنَّ أهلَ الذِّمةِ لا يَجوزُ استِعمالُهم في الكِتابةِ التي فيها استِطالةٌ على المُسلِمينَ واطِّلاعٌ على دَواخِلِ أُمورِهم التي يُخشى أنْ يُفشوها إلى الأَعداءِ من أهلِ الحَربِ (٢).

وسُئل الإمامُ النَّوويُّ : رَجلٌ يَهوديٌّ أو نَصرانِيٌّ وُلِّي صَيرَفيًّا في بَيتِ مالِ المُسلِمينَ لميزانِ الدَّراهمِ المُعوَّضةِ والمَصروفةِ، ويَنقدُها، ويُعتمَدُ في ذلك على قَولِه، هل يَحلُّ تَوليتُه أو لا؟ وهل يُثابُ وَليُّ الأمرِ على عَزلِه، واستِبدالِ مُسلمٍ ثِقةٍ بَدلَه؟ وهل يُثابُ المُساعِدُ على عَزلِه؟

فأَجابَ: لا يَحلُّ تَوليةُ اليَهوديِّ ولا النَّصرانِيِّ لذلك، ولا يَجوزُ إِبقاؤُه فيه، ولا يَحلُّ اعتِمادُ قَولِه في شَيءٍ من ذلك، ويُثابُ وَليُّ الأمرِ -وفَّقَه اللهُ- على عَزلِه واستِبدالِ مُسلمٍ ثِقةٍ بَدلَه، ويُثابُ المُساعِدُ في عَزلِه.

قالَ اللهُ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ


(١) «الحاوي الكبير» (١٦/ ٢٠٠).
(٢) «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>