للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: وكلُّ مَنْ أكثَرَ مُخالطةَ هذَينِ الصِّنفَينِ فله حَظٌّ من هذا المَقتِ الذي تَضمَّنه قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.

الطَّبقةُ الثانِيةُ: خُصوصُ الأُمراءِ والوُلاةِ من حيثُ الاستِعانةُ به، ومِن مَوارِدِ النَّهيِ فيها مَوضعانِ:

أحدُهما: الجِهادُ على المَشهورِ، قالَ في المُدوَّنةِ: ولا يُستعانُ بالمُشرِكينَ في القِتالِ إلا أنْ يَكونوا نَواتيةً أو خَدَمًا.

وحُكي عن عِياضٍ جَوازُ ذلك في بعضِ الأئِمةِ قائِلًا: وحُملَ النَّهيُ على وَقتٍ خاصٍّ، يَعني قَولَه : «إنَّا لا نَستَعينُ بمُشرِكٍ».

قُلتُ: وفي المَواضعِ غيرِ هذا مُطلَقًا ومُقيَّدًا ألَّا نُطوِّلَ بحِكايةٍ.

الثانِي: في الوِلايةِ والاصطِناعِ.

قالَ ابنُ العَربيِّ: لا يَنبَغي لأحدٍ من المُسلِمينَ وَلي وِلايةً أنْ يتَّخِذَ من أهلِ الذِّمةِ وَليًّا فيها؛ لنَهيِ اللهِ عن ذلك؛ لأنَّهم لا يُخلِصونَ النَّصيحةَ ولا يُؤدُّونَ الأمانةَ، قُلتُ: ورَدَ العَملُ بذلك عن السَّلفِ قَولًا وفِعلًا، ويَكفي من ذلك رِوايتانِ:

الرِّوايةُ الأُولى: قالَ الطُّرطُوشيُّ: لمَّا استقدَم عُمرُ بنُ الخَطابِ أبا موسى الأشعريَّ من البَصرةِ وكانَ عامِلًا للحِسابِ دخَلَ على عُمرَ وهو في المَسجدِ واستَأذنَ لكاتبِه وكانَ نَصرانيًّا، فقالَ له عُمرُ: قاتَلَك اللهُ، وضرَبَ فخِذَه، وَلَّيتَ ذِميًّا على المُسلِمينَ؟! أما سَمِعت اللهَ تَعالى يَقولُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>