للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّحيحُ مَنعُه؛ لقَولِه : «إنَّا لا نَستَعينُ بمُشرِكٍ».

وأقولُ: إنْ كانَت في ذلك فائِدةٌ مُحقَّقةٌ فلا بأسَ به (١).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : نَهى اللهُ المُؤمِنينَ بهذه الآيةِ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨] أنْ يتَّخِذوا من الكُفارِ واليَهودِ وأهلِ الأهواءِ دُخلاءَ ووُلجاءَ يُفاوِضونهم في الآراءِ ويُسنِدونَ إليهم أُمورَهم، ويُقالُ: كلُّ مَنْ كانَ على خِلافِ مَذهبِك ودِينِك فلا يَنبَغي لك أنْ تُحادِثَه … وقد انقلَبَت الأَحوالُ في هذه الأَزمانِ باتِّخاذِ أهلِ الكِتابِ كَتَبةً وأُمناءَ وتَسوَّدوا بذلك عندَ الجَهلةِ الأَغبياءِ من الوُلاةِ والأُمراءِ (٢).

وقالَ ابنُ الأَزرقِ : المَحظورُ الرابِعُ: اتِّخاذُ الكافرِ وَليًّا:

ويَتقرَّرُ ذلك باعتِبارِ طَبقتَينِ:

الطَّبقةُ الأُولى: عُمومُ الخَلقِ، حتى الأُمراءُ والوُلاةُ من تلك الجِهةِ، كما صرَّحَ به التَّنزيلُ في غيرِ مَوضعٍ: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ٢٨] وفي قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١].

قالَ ابنُ عَطيَّةَ : نَهى اللهُ المُؤمنينَ بهذه الآيةِ عن اتِّخاذِ اليَهودِ والنَّصارى أولياءَ في الخُلطةِ والنُّصرةِ المُؤدِّيةِ إلى الامتِزاجِ والمُعاضَدةِ، وحُكمُ الآيةِ باقٍ.


(١) «أحكام القرآن» (١/ ٣٥١).
(٢) «الجامع لأحكام القرآن» (٤/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>