يَجوزُ للمُسلِمينَ أنْ يُمكِّنوا أنْ يَكونَ بمَدائنِ الإِسلامِ قِبلتانِ إلا لضَرورةٍ كالعَهدِ القَديمِ، لا سيَّما وهذه الكَنائسُ التي بهذه الأَمصارِ مُحدَثةٌ يَظهرُ حُدوثُها بدَلائلَ مُتعدِّدةٍ، والمُحدَثُ يُهدمُ باتِّفاقِ الأئِمةِ.
وأمَّا الكَنائسُ التي بالصَّعيدِ وبَرِّ الشامِ ونَحوِها من أَرضِ العَنوةِ فما كانَ منها مُحدَثًا وجَبَ هَدمُه وإذا اشتَبه المُحدَثُ بالقَديمِ وجَبَ هَدمُهما جَميعًا؛ لأنَّ هدْمَ المُحدَثِ واجِبٌ وهدْمَ القَديمِ جائِزٌ، وما لا يَتمُّ الواجِبُ إلا به فهو واجِبٌ.
وما كانَ منها قَديمًا فإنَّه يَجوزُ هَدمُه ويَجوزُ إقرارُه بأيدِيهم، فيَنظرُ الإِمامُ في المَصلحةِ؛ فإنْ كانُوا قد قلُّوا وكانَت الكَنائسُ كَثيرةً أخَذَ منهم أكثَرَها، وكذلك ما كانَ على المُسلِمينَ فيه مَضرةٌ؛ فإنَّه يُؤخَذُ أيضًا وما احتاجَ المُسلِمونَ إلى أَخذِه أُخذَ أيضًا.
وأمَّا إذا كانُوا كَثيرينَ في قَريةٍ ولهم كَنيسةٌ قَديمةٌ لا حاجةَ إلى أَخذِها ولا مَصلحةَ فيه فالذي يَنبَغي تَركُها كما ترَك النَّبيُّ ﷺ وخُلفاؤُه لهم من الكَنائسِ ما كانُوا مُحتاجينَ إليه ثم أُخذَ منهم.
وأمَّا ما كانَ لهم بصُلحٍ قبلَ الفَتحِ مثلَ ما في داخِلِ مَدينةِ دِمَشقَ ونَحوِها فلا يَجوزُ أخذُه ما دامُوا مُوفينَ بالعَهدِ إلا بمُعاوضةٍ أو طِيبِ أنفُسِهم كما فعَلَ المُسلِمونَ بجامِعِ دِمَشقَ لمَّا بَنَوه.
فإذا عُرف أنَّ الكَنائسَ ثَلاثةُ أقسامٍ منها ما لا يَجوزُ هَدمُه ومنها ما يَجبُ هَدمُه كالتي في القاهِرةِ بمِصرَ، والمُحدَثاتُ كلُّها ومنها ما يَفعلُ