ورَوى الإمامُ أحمدُ عن الحَسنِ البَصريِّ أنَّه قالَ: مِنْ السُّنةِ أنْ تُهدَمَ الكَنائسُ التي في الأَمصارِ القَديمةِ والحَديثةِ.
وكذلك هارونُ الرَّشيدُ في خِلافتِه أمَرَ بهَدمِ ما كانَ في سَوادِ بَغدادَ. وكذلك المُتوكِّلُ لمَّا ألزَمَ أهلَ الكِتابِ بشُروطِ عُمرَ استَفتى عُلماءَ وَقتِه في هَدمِ الكَنائسِ والبِيَعِ فأَجابوه، فبعَثَ بأَجوِبتِهم إلى الإمامِ أحمدَ فأَجابَه بهَدمِ كَنائسِ سَوادِ العِراقِ، وذكَرَ الآثارَ عن الصَّحابةِ والتابِعينَ، فممَّا ذكَرَه ما رُوي عن ابنِ عَباسٍ ﵄ أنَّه قالَ: أيُّما مِصرٍ مصَّرَته العَربُ -يَعني المُسلِمينَ- فليسَ للعَجمِ -يَعني أهلَ الذِّمةِ- أنْ يَبنوا فيه كَنيسةً ولا يَضرِبوا فيه نَاقوسًا ولا يَشرَبوا فيه خَمرًا، أيُّما مِصرٍ مصَّرَته العَجمُ ففتَحَه اللهُ على العَربِ؛ فإنَّ للعَجمِ ما في عَهدِهم، وعلى العَربِ أنْ يُوفوا بعَهدِهم ولا يُكلِّفوهم فوقَ طاقتِهم (١).
قالَ ابنُ الإمامِ القَيمِ بعدَما ذكَرَ هذا الكَلامَ المُتقدِّمَ وهو كَلامُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ: ومُلخَّصُ الجَوابِ أنَّ كلَّ كَنيسةٍ في مِصرٍ، القاهِرةِ والكُوفةِ والبَصرةِ وواسِطَ وبَغدادَ ونَحوِها من الأَمصارِ التي مصَّرَها المُسلِمونَ بأرضِ العَنوةِ؛ فإنَّه يَجبُ إِزالتُها إمَّا بالهَدمِ أو غيرِه بحيثُ لا يَبقى لهم مَعبدٌ في مِصرَ مصَّرَه المُسلِمونَ بأَرضِ العَنوةِ وسَواءٌ كانَت تلك المَعابدُ قَديمةً قبلَ الفَتحِ أو مُحدَثةً؛ لأنَّ القَديمَ منها يَجوزُ أَخذُه ويَجبُ عندَ المَفسدةِ، وقد نَهى النَّبيُّ ﷺ أنْ تَجتمِعَ قِبلتانِ بأَرضٍ فلا