للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءه نَصرانِيٌّ فأرغَبَه وزادَه في ثَمنِ الدارِ، أترى أنْ يَبيعَ منه وهو نَصرانِيٌّ أو يَهوديٌّ أو مَجوسيٌّ؟

قالَ: لا أَرى له ذلك، يَبيعُ دارَه مِنْ كافرٍ يَكفُرُ فيها، يَبيعُها من مُسلمٍ أحَبُّ إلَيَّ؛ فهذا نَصٌّ على المَنعِ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : فأمَّا إنْ آجَره إياها (أو باعها) لأجلِ بَيعِ الخَمرِ واتِّخاذِها كَنيسةً أو بَيعةً لم يَجزْ قَولًا واحِدًا، وبه قالَ الشافِعيُّ وغيرُه، كما لا يَجوزُ أنْ يَكريَ أمَتَه أو عبدَه للفُجورِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَجوزُ للرَّجلِ إجارةُ دارِه لمَن يَتخِذُها كَنيسةً أو بِيعةً أو يَتخذَها لبَيعِ الخَمرِ أو القِمارِ، وبه قالَ الجَماعةُ، وقالَ أبو حَنيفةَ: إنْ كانَ بَيتُك في السَّوادِ فلا بأسَ أنْ تُؤجِّره لذلك، وخالَفَه صاحِباه، واختَلفَ أَصحابُه في تأويلِ قَولِه.

ولنا: أنَّه فِعلٌ مُحرَّمٌ فلم تَجُزِ الإجارةُ عليه كإجارةِ عبدِه للفُجورِ، ولو اكتَرَى ذِميٌّ من مُسلمٍ دارَه فأرادَ بَيعَ الخَمرِ فيها فلصاحِبِ الدارِ مَنعُه، وبذلك قالَ الثَّوريُّ، وقالَ أَصحابُ الرأيِ: إنْ كانَ بَيتُه في السَّوادِ والجَبلِ فله أنْ يَفعلَ ما شاءَ.


(١) «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٣٦)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٩٤)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢١٥)، و «الفروع» (٢/ ٣٣٥)، و «الآداب الشرعية» (٣/ ٢٥٤).
(٢) «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٣٦)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٩٤)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>