للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحائِطِ الذي يَلي البِيعةَ حتى يُهدمَ ذلك لم يَجزْ؛ لأنَّهم يُمنَعونَ من الإحداثِ، وهذه الإعادةُ إحداثٌ.

وأبى ذلك سائِرُ أصحابِ الشافِعيِّ وقالُوا: نحن قد أقرَرْناهم على البِيَعِ، فلو منَعناهم من رُقعِ ما استَرَمَّ منه ومن إعادةِ ما انهدَمَ كانَ بمَنزِلةِ القَلعِ والإزالةِ؛ إذ لا فَرقَ بينَ أنْ يُزيلَها وبينَ أنْ يُقرَّها عليهم ثم يَمنعَهم من عِمارتِها.

واختَلفَت المالِكيةُ على قَولَينِ أيضًا: فقالَ ابنُ الماجِشونِ: يُمنَعونَ من رَمِّ كَنائسِهم القَديمةِ إذا رُثَّت إلا أنْ يَكون ذلك في شَرطِ عَقدِهم، ونقَلَ أبو عُمرَ أنَّهم لا يُمنَعونَ من إصلاحِ ما وَهَى منها.

واحتَجَّ القاضي على المَنعِ بحَديثٍ رَواه عن الخَطيبِ عن ابنِ رزقوَيْهِ ثنا مُحمدُ بنُ عَمرٍو ثنا مُحمدُ بنُ غالِبِ بنِ حَربٍ ثنا بَكرُ بنُ مُحمدٍ القُرشيُّ ثنا سَعيدُ بنُ عبدِ الجَبَّارِ عن سَعيدِ بنِ سِنانٍ عن أبي الزاهِريةِ عن كَثيرِ بنِ مُرةَ قالَ: سَمِعت عُمرَ بنَ الخَطابِ يَقولُ: قالَ رَسولُ اللهِ : «لا تُبنَى كَنِيسةٌ في الإسلامِ ولا يُجدَّدُ ما خرِبَ منها».

وهذا لو صَحَّ لكانَ كالنَّصِّ في المَسألةِ، ولكنْ لا يَثبُتُ هذا الإسنادُ، ولكنْ في شُروطِ عُمرَ عليهم: «ولا يُجدَّدُ مَا خُرِّبَ من كَنائسِنا».

قالُوا: ولأنَّ تَجديدَها بمَنزلةِ إِحداثِها وإِنشائِها فلا يُمكَّنونَ منه.

قالُوا: ولأنَّه بِناءٌ لا يَملِكُ إحداثَه فلا يَملِكُ تَجديدَه كالبِناءِ في أرضِ الغيرِ بغيرِ إذنِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>