للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نَتَّخذَ شَيئًا من السِّلاحِ، ولا نَحمِلَهُ مَعَنا، ولا نَنقُشَ خَواتيمَنا بِالعَرَبيةِ، ولا نَبيعَ الخُمورَ، وأن نَجُزَّ مَقاديمَ رُؤوسِنا، وأن نَلزَمَ زِيَّنا حيثُما كُنا، وأن نَشُدَّ الزَّنانيرَ على أوساطِنا، وألَّا نُظهِرَ صُلُبَنا وكُتبَنا في شَيءٍ مِنْ طَريقِ المُسلِمينَ ولا أسواقِهِم، وألَّا نُظهِرَ الصَّليبَ على كَنائسِنا، وألَّا نَضرِبَ بِناقوسٍ في كَنائسِنا بَينَ حَضرةِ المُسلِمينَ، وَألَّا نُخرِجَ سَعانينًا وَلا باعونًا، ولا نَرفَعَ أصواتَنا مع أمواتِنا، وَلا نُظهِرَ النِّيرانَ معهم في شَيءٍ مِنْ طَريقِ المُسلِمينَ، ولا نُجاورَهم مَوتانا، ولا نَتَّخذَ من الرَّقيقِ ما جَرى عليه سِهامُ المُسلِمينَ، وأن نُرشِدَ المُسلِمينَ، ولا نَطَّلعَ عليهم في مَنازِلِهم. فلمَّا أتَيتُ عُمرَ بِالكِتابِ زادَ فيه: وألَّا نَضرِبَ أحدًا من المُسلِمينَ، شَرَطنا لهم ذلك على أنفُسِنا وأهلِ مِلَّتِنا وقَبِلنا منهم الأمانَ؛ فإنْ نَحنُ خالَفنا شَيئًا ممَّا شَرَطناه لكم فضمِنَّاه على أنفُسِنا فلا ذِمةَ لنا، وقد حَلَّ لكم ما يَحِلُّ لكم من أهلِ المُعانَدةِ والشَّقاوةِ» (١).


(١) إسناده حَسَنٌ: أخرَجه البَيهَقيُّ في «الكُبرى» (٩/ ٢٠٢)، وابنُ الأعرابيِّ في «مُعجَمِه» (٣٥٧)، وابنُ عَساكِرَ في «تاريخِ دِمَشقَ» (٢/ ١٧٥، ١٧٧)، من طَريقِ يَحيى بنِ عُقبةَ بنِ أبي العيزارِ عن سُفيانَ الثَّوريِّ والوَليدِ بنِ نُوحٍ والسَّريِّ بنِ مُصرِّفٍ يَذكرون عن طَلحةَ بنِ مُصرِّفٍ عن مَسروقٍ عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ غُنمٍ به.
وهذا إسنادٌ ضَعيفٌ جدًّا: فيه يَحيى بنُ عُقبةَ بنِ أبي العيزارِ. قال البُخاريُّ: مُنكَرُ الحَديثِ. وكذَّبَه ابنُ مَعينٍ. وقال النَّسائيُّ: ليس بثِقةٍ. وقال أبو حاتِمٍ: يَفتعِلُ الحَديثَ. وقال ابنُ مَعينٍ: ليس بشَيءٍ وفي رُواتِه: كَذَّابٌ خَبيثٌ عَدُوٌّ للهِ.
قُلتُ: وله مُتابِعٌ، تابَعه عَبدُ المَلكِ بنُ حُمَيدِ بنِ أبي غَنيةَ وهو ثِقةٌ والطَّريقُ إليه أَراه صالِحًا، أخرَجَه ابنُ عَساكرَ في «تاريخِ دِمَشقَ» (٢/ ١٧٨)، وأخرَجَه أيضًا في (٢/ ١٤٧) من طَريقِ عَبدِ الحَميدِ بنِ بَهرامَ عن شَهرِ بنِ حَوشَبٍ عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ غُنمٍ به. وسَندُه ضَعيفٌ لضَعفِ شَهرِ بنِ حَوشَبٍ.
وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ في «الصارِمِ المَسلولِ» (٢/ ٣٩٣) فرَوى حَربٌ بإسنادٍ صَحيحٍ عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ غُنمٍ قال: كتَب عُمرُ بنُ الخَطابِ حين صالَح نَصارى أهلِ الشامِ … فذكَره.
وقال ابنُ القَيمِ في «أحكامِ أهلِ الذِّمةِ» (٢/ ١١٥): وشُهرةُ هذه الشُّروطِ تُغني عن إسنادِها فإنَّ الأئِمةَ تَلقَّوْها بالقَبولِ وذكَروها في كُتُبِهم واحتَجُّوا بها ولم يَزَلْ ذِكرُ الشُّروطِ العُمَريةِ على ألسِنَتِهم وفي كُتُبِهم وقد أنفَذَها بَعدَه الخُلفاءُ وعَمِلوا بمُوجِبِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>