للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ القَيمِ : وهذا الذي جاءت به النُّصوصُ والآثارُ هو مُقتَضى أُصولِ الشَّرعِ وقَواعِدِه؛ فإنَّ إحداثَ هذه الأُمورِ إحداثُ شِعارِ الكُفرِ، وهو أغلَظُ من إحداثِ الخَمَّاراتِ والمَواخيرِ؛ فإنَّ تلك شِعارُ الكُفرِ وهذه شِعارُ الفِسقِ، ولا يَجوزُ للإمامِ أنْ يُصالِحَهم في دارِ الإسلامِ على إحداثِ شَعائرِ المَعاصي والفُسوقِ، فكيف بإِحداثِ مَوضعِ الكُفرِ والشِّركِ؟!

فإنْ قيلَ: فما حُكمُ هذه الكَنائسِ التي في البِلادِ التي مصَّرَها المُسلِمونَ؟ قيل: هي على نَوعَينِ:

أحدُهما: أنْ تُحدَثَ الكَنائسُ بعدَ تَمصيرِ المُسلِمينَ لمِصرٍ فهذه تُزالُ اتِّفاقًا.

الثانِي: أنْ تَكونَ مَوجودةً بفَلاةٍ من الأرضِ ثم يُمصِّرُ المُسلِمونَ حَولَها الِمصرَ فهذه لا تُزالُ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ ابنُ الهُمامِ : واعلَمْ أنَّ البِيَعَ والكَنائسَ القَديمةَ في السَّوادِ لا تُهدَمُ على الرِّواياتِ كلِّها، وأمَّا في الأَمصارِ فاختَلفَ كَلامُ مُحمدٍ، فذكَرَ


(١) «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>