للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُدنِ، وأقبَلَ أبو عُبيدةَ راجِعًا؛ فكُلَّما مَرَّ بمَدينةٍ مما لم يَكنْ صالَحَه أهلُها بعَثَ رُؤساؤُها يَطلُبونَ الصُّلحَ؛ فأَجابَهم إليه وأَعطاهم مِثلَ ما أَعطى الأوَّلينَ، وكتَبَ بينَه وبينَهم كِتابَ الصُّلحَِ.

وكُلَّما مرَّ على مَدينةٍ ممَّا كانَ صالَحَ أهلَها، وكانَ واليه فيها قد رَدَّ عليهم ما كانَ أخَذَ منهم تَلقَّوْه بالأموالِ التي كانَ رَدَّها عليهم ممَّا كانُوا صُولِحوا عليه من الجِزيةِ والخَراجِ، وتَلقَّوْه بأسواقٍ وبِياعاتٍ فتَرَكهم على الشَّرطِ الذي كانَ قد شرَط لهم، لم يُغيِّرْه ولم يَنقُصْه (١).

وهكذا يتَّضِحُ لنا بجَلاءٍ أنَّه تَجِبُ حِمايةُ أهلِ الذِّمةِ من كلِّ أذًى صغُرَ أو كبُرَ.

قالَ الإمامُ القَرافِيُّ : إنَّ عَقدَ الذِّمةِ يُوجِبُ حُقوقًا علينا لهم؛ لأنَّهم في جِوارِنا وفي خِفارَتِنا وذِمةِ اللهِ تَعالى وذِمةِ رَسولِه ودِينِ الإسلامِ، فمَن اعتَدى عليهم ولو بكَلِمةِ سُوءٍ أو غِيبةٍ في عِرضِ أحَدِهم أو نَوعٍ من أنواعِ الأذيةِ أو أعانَ على ذلك فقد ضيَّعَ ذِمةَ اللهِ تَعالى وذِمةَ رَسولِه وذِمةَ دِينِ الإسلامِ (٢).

وقالَ الشَّروانِيُّ الشافِعيُّ : ويَجبُ علينا الذَّبُّ عن أهلِ الذِّمةِ منهم والصَّدقةُ عليهم جائِزةٌ وإطعامُ المُضطَرِّ منهم واجِبٌ (٣).


(١) كتاب «الخراج» لأبي يوسف ص (١٥٣، ١٥٤).
(٢) «الفروق» (٣/ ٢٩).
(٣) «حاشية الشرواني» (٥/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>