للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَذهبُ الشافِعيةِ وأبي ثَورٌ أنَّ الجِزيةَ تُؤخذُ من المُصابينَ بالعاهاتِ المُزمِنةِ، ولو لمْ يَكونوا مُوسِرينَ.

واستدَلُّوا لذلك بعُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ فهو يَشمَلُ الزَّمْنى والعُميانَ والشُّيوخَ الكِبارَ.

وبعُمومِ الأحاديثِ القاضيةِ بأخْذِ الجِزيةِ من كلِّ حالِمٍ، كحَديثِ مُعاذٍ السابِقِ، الذي أمَرَه فيه أنْ يَأخذَ من كلِّ حالِمٍ دِينارًا، وحَديثِ عُمرَ بنِ الخَطابِ السابِقِ: ولا يَضرِبوها إلا على مَنْ جرَت عليه المُوسى.

واستدَلُّوا من المَعقولِ بأنَّ الجِزيةَ عِوضٌ عن حَقنِ الدَّمِ، وهؤلاء كغيرِهم في الانتِفاعِ بحَقنِ الدَّمِ، فلا تَسقُطُ عنهم الجِزيةُ بتلك الإصاباتِ، وأنَّ الجِزيةَ عِوضٌ عن سُكنى دارِ الإسلامِ، وهؤلاء كغيرِهم في الانتِفاعِ بالدارِ، فلا تَسقُطُ عنهم الجِزيةُ، كما أنَّ الأُجرةَ لا تَسقُطُ عن أصحابِ الأعذارِ، فعلى التَّقديرَينِ لا يُقَرُّونَ بغيرِ جِزيةٍ (١).


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٠٧)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٥٣، ٥٤)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٦)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>