للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ أبو يُوسفَ من الحَنفيةِ إلى أنَّ الجِزيةَ تُؤخذُ من الزَّمْنى والعُميانِ والشُّيوخِ الكِبارِ إذا كانَ لهم مالٌ ورأيٌ.

واستَدلَّ لذلك بأنَّ هؤلاء المُصابين بالعاهاتِ المُزمِنةِ أهلٌ للقِتالِ؛ إذْ إنَّهم يُقتَلونَ إذا كانُوا ذَوي رأيٍ في الحَربِ والقِتالِ، فتَجِبُ عليهم الجِزيةُ كما تَجِبُ على غيرِهم.

ولأنَّ الجِزيةَ تَجِبُ على الفَقيرِ المُعتمِلِ، ووُجودُ المالِ عندَ هؤلاء المُصابينَ أكثَرُ من القُدرةِ على العَملِ، فتَجِبُ عليهم الجِزيةُ إذا كانُوا مُوسِرينَ، ولا تَجِبُ عليهم إذا كانُوا مُعسِرينَ (١).

ويَدلُّ على ذلك ما في كِتابِ الصُّلحِ بينَ خالِدِ بنِ الوَليدِ وأهلِ الحِيَرةِ: (وجَعَلتُ لهم: أيُّما شَيخٍ ضعُفَ عن العَملِ، أو أصابَتْه آفةٌ من الآفاتِ، أو كانَ غَنيًّا فافتُقِر وصارَ أهلُ دِينِه يَتصدَّقُون عليه طُرحَت جِزيَتُه، وعِيلَ من بَيتِ مالِ المُسلِمينَ وعِيالُه ما أقامَ بدارِ الهِجرةِ ودارِ الإسلامِ؛ فإنْ خرَجُوا إلى غيرِ دارِ الهِجرةِ ودارِ الإسلامِ فليسَ على المُسلِمينَ النَّفقةُ على عيالِهم) (٢).


(١) «المبسوط» للسرخسي (١٠/ ٧٩)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٥٠، ٥١)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٨).
(٢) «الخراج» لأبي يوسف (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>