للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وضَعَ عُمرُ بنُ الخَطابِ الجِزيةَ على رُؤوسِ الرِّجالِ، وضَعَها على الغَنيِّ ثَمانيةً وأربَعينَ دِرهمًا، وعلى المُتوسِّطِ أربَعةً وعِشرينَ دِرهمًا، وعلى الفَقيرِ المُكتسِبِ اثنَيْ عَشرَ دِرهمًا (١).

فقد فرَضَها عُمرُ على طَبقاتٍ ثَلاثٍ، أَدناها الفَقيرُ المُعتمِلُ، فدلَّ بمَفهومِه على أنَّ الجِزيةَ لا تَجِبُ على الفَقيرِ غيرِ المُعتمِلِ، وقد كانَ ذلك بمَحضَرَ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم، ولم يُنكِرْ عليه أحدٌ، فهو إجماعٌ (٢).

وقالُوا: إنَّ الجِزيةَ مالٌ يَجبُ بحُلولِ الحَولِ، فلا يَلزمُ الفَقيرَ العاجِزَ عن الكَسبِ كالزَّكاةِ والدِّيةِ (٣).

أمَّا الشافِعيةُ: فقالَ منهم الشِّيرازيُّ : وفي الفَقيرِ الذي لا كَسبَ له قَولانِ:

أحدُهما: أنَّه (لا تَجِبُ عليه الجِزيةُ)؛ لأنَّ عُمرَ جعَلَ أهلَ الجِزيةِ طَبقاتٍ، وجعَلَ أدناهم الفَقيرَ المُعتمِلَ، فدلَّ على أنَّها لا تَجِبُ على غيرِ المُعتمِلِ، ولأنَّه إذا لم يَجبْ خَراجُ الأرضِ في أرضٍ لا نَباتَ لها لم


(١) «السنن الكبرى» (٩/ ١٩٦).
(٢) «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٧٦)، و «الاختيار» (٤/ ١٤٦)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ١١٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٣٠)، و «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٠١)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٢)، و «المغني» (١٢/ ٦٧٢)، و «الكافي» (٤/ ١٢٥)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٥٢، ٥٣).
(٣) «المغني» (١٢/ ٦٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>