للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسلِّموهم؛ فإنْ لم يَفعَلوا مع القُدرةِ صاروا ناقِضينَ أيضًا، ومَن أخَذَ منهم واعترَف بأنَّه من الناقِضينَ أو قامَت عليه بَيِّنةٌ لم يَخْفَ حُكمُه، وإلا يُصدَّقَ بيَمينِه أنَّه لم يَنقُضْ.

وإذا انتُقِضت الهُدنةُ وهو ببِلادِهم جازَت الإغارةُ عليهم وتَبييتُهم، وهو الإغارةُ عليهم ليلًا سَواءُ عَلِموا أنَّه ناقِضٌ أو لا؛ ولأنَّهم صاروا حينَئذٍ كما كانُوا قبلَ الهُدنةِ أمَّا إذا كانُوا ببِلادِنا فلا نُقاتِلُهم بل نُبلِغُهم المأمَنَ، أي: مَحلًّا يَأمَنونَ فيه مِنَّا ومِن أهلِ عَهدِنا ولو بطَرفِ بِلادِنا فيما يَظهرُ ومَن له مَأمَنانِ يَسكنُ بكلٍّ منهما يَتخيَّرُ الإمامُ بينَهما؛ فإنْ سكَنَ بأحَدِهما لزِمَه إبلاغُ مَسكنِه منهما على الأوجَهِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا نقَضَ الكُفارُ العَهدَ قاتَلَهم الإمامُ، وإنْ نقَضَ بَعضُهم العَهدَ دونَ بَعضٍ فلهم حَالتانِ:

الأُولى: أنْ يَسكُتَ باقيهم عن الناقِضِ للعَهدِ ولم يُوجدْ منهم إنكارٌ على الناقِضِ ولا مُراسلةُ الإمامِ ولا تبَرُّؤٌ منه، فالكلُّ ناقِضونَ للعَهدِ لرِضاهم بفِعلِ أولئك وإقرارِهم لهم «لأنَّ النَّبيَّ لمَّا هادَن قُريشًا دخَلت خُزاعةُ مع النَّبيِّ وبَنو بَكرٍ مع قُريشٍ فعدَت بَنو بَكرٍ على خُزاعةَ وأعانَهم بعضُ قُريشٍ، وسكَتَ الباقونَ، فكانَ ذلك نقضَ


(١) «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٧٩، ٣٨١)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٣)، و «البيان» (١٢/ ٣٢٤، ٣٢٦)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٥٥، ٥٦)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٩٧، ٩٨)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٤٤)، و «كنز الراغبين» (٤/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>