للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَملُ بها؛ فإنْ دَعَوه إلى نَقضِ الهُدنةِ نقَضَها، إلا أنْ يَخافَ منهم الاصطِلامَ، فيَجوزَ للضَّرورةِ أنْ يَلتزِمَها ما كانَ على ضَرورَتِه كما قُلنا في بَذلِ المالِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يُشترطُ لصِحةِ عَقدِ الهُدنةِ أنْ يَخلُوَ العَقدُ من الشُّروطِ الفاسِدةِ.

كشَرطِ نَقضِها لمَن شاءَ منهما فلا يَصحُّ ذلك؛ لأنَّه يُفضي إلى ضِدِّ المَقصودِ منها.

وكذا إنْ قالَ: هادَنتُكم ما شِئتُم لم يَصحَّ؛ لأنَّه جعَلَ الكُفارَ مُتحكِّمين على المُسلِمينَ.

وكذا إنْ قالَ: ما شِئْنا أو شاءَ فُلانٌ، أو شرَط ذلك لنفسِه دونَهم لم يَجزْ أيضًا لأنَّه يُنافي مُقتَضى العَقدِ فلم يَصحَّ كما لو شرَط ذلك في البَيعِ والنِّكاحِ.

أو شرَط رَدَّ النِّساءِ المُسلِماتِ كما تَقدَّمَ مُفصَّلًا.

أو شرَط ردَّ صَداقِهِنَّ بطَلَ الشَّرطُ لمُنافاتِه مُقتَضى العَقدِ، وأمَّا قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا﴾ فقالَ قَتادةُ: نُسخَ. وقالَ عَطاءٌ والزُّهريُّ والثَّوريُّ: لا يُعمَلُ بها اليَومَ، إنَّما نزَلَت في قَضيةِ الحُدَيبيةِ حينَ كانَ النَّبيُّ شرَطَ ردَّ مَنْ جاءَه مُسلمًا.


(١) «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٠)، و «البيان» (١٢/ ٣١١، ٣٢٠)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٥٢، ٦٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٩٦، ١٠١)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٤٥، ٤٤٩)، و «كنز الراغبين» (٤/ ٥٨٥، ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>