للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَن معك من غَطفانَ، وتُخذِّلَ بينَ الأحزابِ؟» فأرسَل إليه عُيَينةُ: إنْ جعَلتَ لي الشَّطرَ فَعلتُ؟ قالَ مَعمَرٌ: فحَدَّثني ابنُ أبي نَجيحٍ أنَّ سَعدَ بنَ مُعاذٍ وسَعدَ بنَ عُبادةَ قالَا: يا رَسولَ اللهِ، واللهِ لقد كانَ يَجُرُّ سُرمَه في الجاهِليةِ في عامِ السَّنةِ حَولَ المَدينةِ ما يُطيقُ أنْ يَدخلَها، فالآنَ حينَ جاءَ اللهُ بالإسلامِ نُعطيهم ذلك؟! فقالَ النَّبيُّ : «فنِعمَ إذًا»، ولولا أنَّ ذلك جائِزٌ لما بذَله النَّبيُّ .

ورُوي أنَّ الحارِثَ بنَ عَمرٍو الغَطَفانيَّ بعَثَ إلى النَّبيِّ فقالَ: إنْ جعَلتَ لي شَطرَ ثِمارِ المَدينةِ وإلا مَلأتُها عليكَ خَيلًا ورَجِلًا. فقالَ له النَّبيُّ : «حتى أُشاوِرَ السُّعودَ» يَعني سَعدَ بنَ عُبادةَ وسَعدَ بنَ مُعاذٍ وأسَعَدَ بنَ زُرارةَ، فشاوَرَهم النَّبيُّ فقالُوا: يا رَسولَ اللهِ، إنْ كانَ هذا أمرًا من السَّماءِ فتَسليمٌ لأمرِ اللهِ تَعالى، وإنْ كانَ برأيِكَ وهَواكَ اتَّبَعنا رأيَك وهَواك، وإنْ لم يَكنْ أمرًا من السَّماءِ ولا برأيِك وهَواك فوَاللهِ ما كُنَّا نُعطيهم في الجاهِليةِ بُسرةً ولا تَمرةً إلا شِراءً أو قِرًى، فكيف وقد أعزَّنا اللهُ بالإسلام؟ فقالَ النَّبيُّ لرَسولِه: «أتَسمعُ؟» فعرَضَه النَّبيُّ ليَعلَمَ ضَعفَهم من قُوَّتِهم فلولا جَوازُه عندَ الضَّعفِ لما عرَضه عليه (١).

وأمَّا عَقدُ الهُدنةِ على أنْ يَدفَعوا هُمْ مالًا إلينا فجائِزٌ بإجماعِ العُلماءِ.


(١) «المغني» (٩/ ٢٣٩)، و «المبدع» (٣/ ٣٩٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٢١٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٢٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٨٥)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>