لاحتِمالِ حُصولِ زيادةِ قُوةٍ للمُسلِمينَ أو نَحوِها، أي: حيثُ كانَت المَصلَحةُ في ذلك وفي غيرِه على السَّواءِ وإلا تَعيَّنَ ما فيه المَصلَحةُ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا تَجوزُ الهُدنةُ أكثَرَ من عَشرِ سِنينَ إذا كانَ بالمُسلِمينَ ضَعفٌ؛ لأنَّ ذلك أقصى ما يُحفَظُ عن رَسولِ اللهِ ﷺ أنَّه هادَنَ قَومًا، وذلك أنَّ اللهَ ﷾ فرَضَ قِتالَ المُشرِكينَ، فلمَّا هادَن رَسولُ اللهِ ﷺ مُشرِكي أهلِ مَكةَ، كانَت تلك المُدةُ مع العُذرِ المَوجودِ أقصى مُدةٍ يَجوزُ للإمامِ أنْ يُهادِنَ إلى مِثلِها على الصَّلاحِ لأهلِ الإسلامِ، ولأنَّ قَولَ اللهِ تَعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] عامٌّ خُصَّ منه مُدةُ العَشرِ لمُصالَحةِ النَّبيِّ ﷺ قُرَيشًا يَومَ الحُدَيبيةِ عَشرًا ففيما زاد يَبقى على مُقتَضى العُمومِ.
فعلى هذا إنْ زادَت المُدةَ على عَشرٍ بطَلَ في الزِّيادةِ، وهل تَبطُلُ في العَشرِ؟ على وَجهَينِ بِناءً على تَفريقِ الصَّفقةِ؛ لأنَّه جمَع بينَ ما يَجوزُ وما لا يَجوزُ في عَقدٍ واحِدٍ، فيَبطُلُ القَدرُ الزائِدُ بلا خِلافٍ.
(١) «الشرح الكبير» (٢/ ٥٢٨)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٥١)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥١٦، ٥١٧)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٥٨)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ٤١)، وينظر: «الاختيار» (٤/ ١٤٦)، و «البحر الرائق» (٥/ ٨٥)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٥٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٣٠)، و «المغني» (٩/ ٢٣٨)، و «الكافي» (٤/ ٣٤٠)، والمبدع (٣/ ٣٩٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٢١٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٢٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٨٥)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٨٥).