للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثَّالثةُ: الوَصلُ بينَ الرَّكعاتِ الثَلاث، بأن يَجلِسَ بعدَ الثَّانيةِ فيتشهَّدَ ولا يسلِّمَ، بل يَقومُ لِلثالِثةِ ويسلِّمُ بعدَها؛ فتَكونُ في الهَيئةِ كصَلاةِ المَغربِ، إلا أنَّه يَقرأُ في الثَّالثَةِ سُورةً بعدَ الفاتِحةِ، خِلافًا لِلمَغربِ.

وهذه الصُّورةُ هي المُتعيَّنةُ عندَ الحَنفيَّةِ، وهذا قولُ أبي زَيدٍ المَروَزِيِّ مِنْ الشافِعيَّةِ، قالَ: لِلخُروجِ مِنْ الخِلافِ؛ فإنَّ أبا حَنِيفَةَ لا يُصحِّحُ المَفصُولةَ.

لكنَّ الصَّحيحَ عندَ الشافِعيَّةِ أنَّها جائِزةٌ مع الكَراهةِ؛ لأنَّ تَشبيهَ الوِترِ بالمَغربِ مَكروهٌ.

وقالَ الحَنابلَةُ: يَجوزُ أن يُصلِّيَ الرَّكعاتِ الثَّلاثَ كالمَغربِ -كَما يَقولُ الحَنفيَّةُ-، قالَ القاضي أبو يَعلَى: إذا صلَّى الثَّلاثَ بسَلامٍ ولم يكن جلسَ عَقِبَ الثَّانيةِ جازَ، وإن كان جلسَ فَوَجهانِ، أصحُّهُما: لا يَكونُ وِترًا.

وخَيَّرَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ بينَ الفَصلِ والوَصلِ.

ج- أن يُصلِّيَ أكثرَ مِنْ ثَلاثٍ: وهذا جائِزٌ عندَ الشافِعيَّةِ والحَنابلَةِ كما تَقدَّم.

قال الشافِعيَّةُ: إذا أوتَرَ بإحدى عَشرَةَ رَكعةً فمَا دُونَها؛ فالأفضَلُ أن يسلِّمَ مِنْ كلِّ رَكعتَينِ؛ لحَديثِ عائِشةَ قالت: «كانَ رَسولُ اللهِ يُصلِّي فِيمَا بينَ أَنْ يَفرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشاءِ، وَهي التي يَدعُو النَّاسُ العَتَمةَ، إلى الفَجرِ، إِحدَى عَشرَةَ رَكعَةً، يسلِّمُ بينَ كلِّ رَكعتَينِ، وَيُوتِرُ بِواحدةٍ» (١). وإن أرادَ جَمعَها بتَشهُّدٍ واحدٍ في آخرِها كلِّها جازَ، وإن


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>