للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخارِجون في الجَيشِ على أربَعةِ أحوالٍ، كما يلي:

١ - رَجلٌ نَوى الغَزوَ، وعمِلَ في مَشاهدِ الحَربِ، إمَّا في أضعَفِها رُتبةً كمُلازَمةِ الجَيشِ، وتَكثيرِ السَّوادِ، وإمَّا فوقَ ذلك إلى أعلاها رُتبةً: وهو مُباشَرةُ القِتالِ، فهذا لا خِلافَ ولا إشكالَ أنَّه يُسهَمُ له؛ للأدِلةِ التي قدَّمْنا، ويَدخلُ في ذلك المَريضُ إذا حضَرَ القِتالَ، وإنْ لم يُقاتلْ.

٢ - رَجلٌ لم يَنوِ الغَزوَ، ولا عَمِل في شَيءٍ من مَشاهدِه، كالتاجِرِ والأجيرِ يَشتغِلان بالكَسبِ والاحتِرافِ فقط، فهذا لا خِلافَ ولا إشكالَ أنَّه لا حقَّ له.

٣ - رَجلٌ لم يَنوِ في خُروجِه غَزوًا، فلمَّا حضَرَ القِتالَ قاتَلَ، أو شهِدَ من مَواطِنِ الحَربِ المَخصوصةِ، بعَملٍ من أعمالِ الجِهادِ على حسَبِ ما فصَّلنا ما يَكونُ له فيه عَملٌ مع المُجاهِدينَ، فالظاهِرُ أنَّ لهذا سَهمَه، وإنْ كانَ في ذلك خِلافٌ تَقدَّمَ ذِكرُه في (فَصلِ: التاجِرِ والأجيرِ)؛ لأنَّه لمَّا حضَرَ القِتالَ فعمِلَ فيه؛ حصَلَ منه ساعتَئذٍ النِّيةُ والعَملُ، وذلك هو حَقيقةُ الجِهادِ، ودخَلَ بذلك في جُملةِ من تُنسَبُ الغَنيمةُ إليهم، فكانَ الوَجهُ أنْ يُسهَمَ له.

٤ - رَجلٌ نَوى الغَزوَ فانقُطِعَ به قبلَ مَشاهدِ القِتالِ، فهذا الذي جرَى فيه ذِكرُ الخِلافِ في هذا الفَصلِ، والذي يَترجَّحُ -إنْ شاء اللهُ- ألَّا يَكونَ له في الغَنيمةِ حقٌّ إنْ لم يَحضُرْ مِنْ مَشاهدِ الحَربِ شَيئًا، ويَدخلُ في ذلك المَريضُ الذي لا يَستطيعُ شَيئًا من الحُضورِ والتَّكثيرِ فما فوقَ ذلك؛ فإنْ شهِدَ هؤلاء شَيئًا من ذلك -وإنْ قلَّ زَمانُه- فلَهم سَهمُهم، أعني: فيما غنِمَ عن ذلك المَوطِنِ، أو كانَ لذلك المَوطِنِ في أسبابِ اغتِنامِه أَثرٌ؛ وذلك أنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>