وقالَ الحَنابِلةُ: إذا ماتَ الغازِي أو قُتِل؛ فإنْ كانَ قبلَ حِيازةِ الغَنيمةِ ففيه قَولانِ:
أحدُهما: لا سَهمَ له؛ لأنَّه ماتَ قبلَ ثُبوتِ مِلكِ المُسلِمينَ عليها، وثُبوتِ اليَدِ عليها، فلم يَستحِقَّ شَيئًا، وسَواءٌ ماتَ حالَ القِتالِ أو قبلَه.
والثانِي: أنَّه يُسهَمُ له؛ لأنَّه حضَرَ الوَقعةَ وهو من أهلِ القِتالِ فيُسهَمُ له كغيرِه.
وإنْ ماتَ بعدَ حِيازةِ الغَنيمةِ فسَهمُه لوَرثتِه؛ لأنَّه ماتَ بعدَ الاستِيلاءِ عليها في حالِ لو قُسِمت صَحَّت قِسمَتُها وكانَ له سَهمُه منها، فيَجبُ أنْ يَستحِقَّ سَهمَه فيها كما لو ماتَ بعدَ إحرازِها في دارِ الإسلامِ إذا ثبَتَ أنَّه يَستحِقُّه فيَكونَ لوَرثتِه كسائرِ أملاكِه وحُقوقِه.
وإنْ أُسرَ فله سَهمُه كذلك، وإنْ أُسرَ أو ماتَ قبلَ أنْ تُقضَى الحَربُ فلا شَيءَ له؛ لأنَّه لم يَملِكْ شَيئًا (١).
أمَّا المالِكيةُ: إنْ ماتَ قبلَ التِقاءِ الصَّفَينِ، ولو بعدَ دُخولِ بَلدِ العَدوِّ؛ فإنَّه لا يُسهَمُ له على المَشهورِ، ولو ماتَ بعدَ اللِّقاءِ أُسهِم له، والمُرادُ باللِّقاءِ القِتالُ.
ولو كانَ هناك غَنيمةٌ بعدَ غَنيمةٍ فما كانَ مُتَتابِعًا فله سَهمُه في الجَميعِ مِثلَ أنْ يَفتتِحَ حِصنًا فيَموتَ ثم يَفتتِحَ آخَرَ على جِهةِ الأمرِ الأولِ.
(١) «الكافي» (٤/ ٣٠٦)، و «الإنصاف» (٤/ ١٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٩٠)، والمبدع (٣/ ٣٧١).