فامتَطَيتُها ثم تَوجَّهتُ إلى المَدينةِ ونَذَرتُ إنْ نجَّاني اللهُ عليها أنْ أنحَرَها، فلمَّا قَدِمتُ المَدينةَ استَعرَفتُ الناقةَ فإذا هي ناقةُ رَسولِ اللهِ ﷺ فأخَذَها. فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ إنِّي نَذرتُ أنْ أنحَرَها، فقالَ:«بِئسَما جازَيتِها، لا نَذرَ في مَعصيةٍ»، وفي رِوايةٍ:«لا نذَرَ فيما لا يَملِكُ ابنُ آدمَ» رَواه أحمَدُ ومُسلِمٌ، ولأنَّه لم يَحصُلْ في يَدِه بعِوَضٍ فكانَ صاحِبُه أحَقَّ به كما لو أدرَكَه في الغَنيمةِ قبلَ قَسمِه.
فأمَّا إنِ اشتَراه رَجلٌ من العَدوِّ فليسَ لصاحِبِه أخذُه إلا بثَمَنِه …
وقالَ القاضي: ما حصَلَ في يَدِه بهبةٍ أو سَرِقةٍ أو شِراءٍ فهو كما لو وجَده صاحِبُه بعدَ القِسمةِ هل يَكونُ صاحِبُه أحَقَّ به بالقيمةِ على رِوايتَينِ والأوْلى ما ذكَرْناه (١).
إذا استَولى الحَربيُّونَ على أموالٍ للمُسلِمينَ وحازُوها في بِلادِهم ثم استرَدَّها المُسلِمونَ، فهل تُعتبَرُ هذه الأموالُ غَنيمةً أو لا؟ وإذا وُجدَ منها شَيءٌ بعَينِه عُرفَ صاحِبُه، فهل يَأخذُه قبلَ القِسمةِ وبعدَها عَينًا بدونِ بَدلٍ أو يَدفعُ قِيمتَه؟
وخُلاصةُ ما سبَق: أنَّ العُلماءَ اتَّفَقوا على أنَّه إذا وُجدَ منها شَيءٌ بعَينِه عُرفَ صاحِبُه من المُسلِمينَ أو الذِّميِّين -كما نَصَّ على ذلك المالِكيةُ- يَأخذُه عَينًا بدونِ بَدَلٍ إذا كانَ ذلك قبلَ قِسمةِ الغَنيمةِ. أمَّا بعدَ القِسمةِ
(١) «المغني» (٩/ ٢١٨) وما بعدها، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٤٠)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٤٩)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٩٥).