للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنْ يَأخذَ بقَولِ بعضِ العُلماءِ إنَّ الكافِرَ يَملِكُ مالَ المُسلِمِ فيَمضيَ على صاحِبِه وليسَ له أَخذُه إلا بالثَّمنِ؛ لأنَّه حكَمَ بما اختَلفَ فيه الناسُ فلا يَنتقِضُ بخِلافِ الجاهِلِ؛ لأنَّه لا يُعتَدُّ بمُوافَقةِ الجَهلِ للمَذاهبِ.

وإنْ وُجدَ في الغَنيمةِ مالُ مُسلمٍ أو ذِميٍّ ولكنْ لم يُعرفْ عَينُ صاحِبِه ولا ناحيَتُه؛ فإنَّه لا يُوقَفَ ويُقسَمُ بينَ المُجاهِدينَ لتَعلُّقِ حَقِّهم، وهذا هو المَشهورُ. وهذا بخِلافِ اللُّقطةِ فإذا وُجِدت عندَهم لُقطةٌ مَكتوبٌ عليها ذلك أو وجَدها أحَدٌ من جَماعةِ الجَيشِ في دارِ الحَربِ؛ فإنَّها لا تُقسَمُ، بل تُوقَفَ بلا خِلافٍ، ومِثلُ اللُّقطةِ الحَبسُ الثابِتُ تَحبيسُه وإلا فقَولانِ (١).

وأمَّا الشافِعيةُ فقالُوا: إذا أحرَزَ المُشرِكونَ أموالَ المُسلِمينَ بغارةٍ، أو سَرِقةٍ لم يَملِكوه؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا﴾ [لقمان: ٢٧]. فامتَنَّ علينا بأنْ جعَلَ أموالَهم لنا، ولو جعَلَ أموالَنا لهم لَساوَيْناهم وبطَلَ فيه الامتِنانُ.

ولأنَّهم استَولَوْا على مالٍ مَعصومٍ، والاستِيلاءُ على مالٍ مَعصومٍ لا يُفيدُ المِلكَ، كاستِيلاءِ المُسلِمِ على مالِ المُسلِمينَ واستِيلائِهم على الرِّقابِ، وإنَّما قُلنا ذلك؛ لأنَّ عِصمةَ مالِ المُسلِمِ ثابِتةٌ في حَقِّهم؛ لأنَّهم


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٢/ ١٩٤، ١٩٥)، و «بلغة السالك» (٢/ ١٩٥) وما بعدها، و «شرح مختصر خليل» للخرشي (٣/ ١٣٦، ١٣٧)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤٠٥)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٥٢٥، ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>