كتَبَ إلى عُمرَ بنِ الخَطابِ فيما أحرَزَ المُشرِكونَ ثم ظهَرَ المُسلِمونَ عليهم بعدُ، قالَ:«ومَن وجَدَ مالَه بعَينِه فهو أحقُّ به ما لم يُقسَمْ»(١).
أمَّا من وجَدَ مَتاعَه بعَينِه بعدَ القِسمةِ فقد اختَلفَ أهلُ العِلمِ فيه:
فقالَ الحَنفيةُ: لا خِلافَ في أنَّ الكُفارَ إذا دخَلوا دارَ الإسلامِ واستَولَوْا على أموالِ المُسلِمينَ، ولم يُحرِزوها بدارِهم، لا يَملِكونَها حتى لو ظهَرَ عليهم المُسلِمونَ، وأخَذوا ما في أيديهم، لا يَصيرُ مِلكًا لهم، وعليهم رَدُّها إلى أربابِها بغيرِ شَيءٍ، وكذا لو قسَموها في دارِ الإسلامِ ثم ظهَرَ عليهم المُسلِمونَ، فأخَذوها من أيديهم، أخَذَها أصحابُها بغيرِ شَيءٍ؛ لأنَّ قِسمَتَهم لم تَجزْ لعَدمِ المِلكِ، فكانَ وُجودُها والعَدمُ بمَنزِلةٍ واحِدةٍ.
ولا خِلافَ في أنَّهم أيضًا إذا استَولَوْا على رِقابِ المُسلِمينَ، أنَّهم لا يَملِكونَهم، وإنْ أحرَزوهُم بالدارِ.
وأمَّا إذا دخَلوا دارَ الإسلامِ فاستَولَوا على أموالِ المُسلِمينَ، وأحرَزوهَا بدارِ الحَربِ؛ فإنَّهم يَملِكونَها؛ لأنَّهم استَولَوا على مالٍ مُباحٍ غيرِ مَملوكٍ، ومَنِ استَولى على مالٍ مُباحٍ غيرِ مَملوكٍ يَملِكُه، كمَنِ استَولى على الحَطبِ والحَشيشِ والصَّيدِ، ودِلالةُ أنَّ هذا الاستِيلاءَ على مالٍ مُباحٍ غيرِ مَملوكٍ أنَّ مِلكَ المالِكِ يَزولُ بعدَ الإحرازِ بدارِ الحَربِ، فتَزولُ العِصمةُ ضَرورةً بزَوالِ المِلكِ، والدَّليلُ على زَوالِ المِلكِ أنَّ المِلكَ هو الاختِصاصُ بالمَحلِّ في