للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقفِ الدُّورِ أنَّها لا تُباعُ ولا يُتصرَّفُ فيها تَصرُّفَ المُلَّاكِ ولا يُؤخَذُ للدُّورِ كِراءٌ بخِلافِ أرضِ الزِّراعةِ، ثم إنَّ مَحلَّ عَدمِ أخذِ كِراءٍ لها وعَدمِ بَيعِها -ما دامَت ببُنيانِ الكُفارِ التي صادَفَها الفَتحُ- مَوجودٌ، أمَّا إذا انهدَمَت وجدَّدَ الناسُ أبنيةً جازَ حينَئذٍ أخذُ الكِراءِ والبَيعُ والأخْذُ بالشُّفعةِ والإرثُ كما هو الآنَ في مَكةَ ومِصرَ وغيرِهما.

وأمَّا غيرُ الأرضِ من سائرِ أموالِ الحَربيِّين فيُخمَّسُ، أي: يُقسَّمُ أَخماسًا، خُمسًا لبَيتِ مالِ المُسلِمينَ، وأربَعةَ أَخماسٍ للمُجاهِدينَ تُقسَّمُ على ما سيأتي.

ومَحلُّ وَقفِ الأرضِ وتَخميسِ غيرِها إنْ أُوجِفَ -أي: قُوتِل- عليها ولو حُكمًا، كهَربِهم قبلَ المُقاتَلةِ بعدَ نُزولِ الجَيشِ بِلادَهم على أحدِ القَولَينِ، وأمَّا لو هرَبوا قبلَ خُروجِ الجَيشِ من بِلادِ الإسلامِ يَكونُ ما انجَلَوا عنه فَيئًا مَوضِعُه بَيتُ المالِ.

والقَولُ الثالِثُ: الإمامُ مُخيَّرٌ بينَ أنْ يَقسِمَها في المَغانمِ كما فعَلَ رَسولُ اللهِ بخَيبَرَ، أو يَقِفَها لمَصالحِ المُسلِمينَ كما فعَلَ عُمرُ بأرضِ السَّوادِ، وهو قَولُ الحَنفيةِ وأحمدَ في أظهَرِ الرِّواياتِ عنه، وكأنَّهم رَأوُا الآيتَينِ -آيةَ الغَنيمةِ من سُورةِ الأنفالِ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١]، وآيةَ الفَيءِ من سُورةِ الحَشرِ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾ الآيَة [الحشر: ٦]، وارِدتَينِ مَورِدَ التَّخييرِ في حُكمِ الأرضِ بخاصةٍ. أو واردةً في مَوضوعٍ واحِدٍ، ولكنَّ آيةَ الحَشرِ مُخصِّصةٌ لآيةِ الأَنفالِ، أي أنَّه بعدَ أنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>