للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلاةِ العِشاءِ -كمَن صلَّى العِشاءَ على غيرِ وُضوءٍ، وهو لا يَعلَمُ، ثم تَوضَّأَ، فأوتَرَ، ثم تذكَّر- فإنَّه يُعيدُ صَلاةَ العِشاءِ بالاتِّفاقِ، ولا يُعيدُ الوِترَ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَهما -أي: أبي يُوسفَ ومُحمدٍ- يُعيدُ.

ووَجهُ قولِ أبي حَنيفةَ أنَّ تَرتيبَ أحَدِهما على الآخَرِ واجِبٌ حالةَ التَّذكُّرِ، فعندَ النِّسيانِ يسقطُ.

ووَجهُ قولِهما أنَّه لمَّا كانَ سُنَّةً كانَ وقتُه ما بعدَ وقتِ العِشاءِ؛ لكَونِه تَبَعًا لِلعِشاءِ، كوقتِ رَكعتَيِ الفَجرِ، ولهذا قالَ النَّبيُّ : «زادَنِي رَبِّي صَلاةً، وَهي الوِترُ، وَوقتُهَا مَا بينَ العِشاءِ إلى طُلُوعِ الفَجرِ» (١)، ووُجودُ (ما) بينَ شَيئَينِ -سابِقًا على وُجودِهما- مُحالٌ، والجَوابُ أنَّ إطلاقَ الفِعلِ بعدَ العِشاءِ لا يَنفي الإطلاقَ قبلَه، وعلى هذا الاختِلافِ إذا صلَّى الوِترَ على ظَنِّ أنَّه صلَّى العِشاءَ، ثم تَبيَّن أنَّه لم يُصلِّ العِشاءَ، فإنَّه يُصلِّي العِشاءَ بِالإجماعِ، ولا يُعيدُ الوِترَ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَهما: يُعيدُ.

ثم إنَّه إذا ذكرَ وهو يُصلِّي الصُّبحَ أنَّه لم يُوتِر، وفي الوقتِ سَعَةٌ، لا يَجوزُ عندَ أبي حَنيفةَ ، ويَقطعُ الصُّبحَ ويُصلِّي الوِترَ؛ لأنَّ الواجِبَ مُلحَقٌ بالفَرضِ في العملِ؛ فيجبُ مُراعاةُ التَّرتيبِ بينَه وبينَ الفَرضِ، وعندَهما يَجوزُ؛ لأنَّ مُراعاةَ التَّرتيبِ بينَ السُّنةِ والمَكتوبةِ غيرُ واجِبةٍ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد (٢٣٣٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «معاني الآثار» (٢/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «فتح القدير» (١/ ٣٠٣)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>