للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّضرِ عن قِتالِ بَدرٍ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، غِبتُ عن أوَّلِ قِتالٍ قاتَلَتَ المُشرِكينَ، لئِنِ اللهُ أشهَدَني قِتالَ المُشرِكينَ ليَريَنَّ اللهُ ما أصنَعُ. فلمَّا كانَ يَومُ أُحدٍ وانكَشفَ المُسلِمونَ قالَ: اللَّهمَّ إنِّي أعتَذِرُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء -يَعني أصحابَه- وأبرَأُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء -يَعني المُشرِكينَ- ثم تَقدَّمَ فاستقبَلَه سَعدُ بنُ مُعاذٍ فقالَ: يا سَعدُ بنَ مُعاذٍ الجَنةَ ورَبِّ النَّضرِ، إنِّي أجِدُ ريحَها من دونِ أُحدٍ، قالَ سَعدٌ: فما استَطَعتُ يا رَسولَ اللهِ ما صنَعَ، قالَ أنَسٌ: فوجَدْنا به بِضعًا وثَمانينَ ضَربةً بالسَّيفِ أو طَعنةً برُمحٍ أو رَميةً بسَهمٍ، ووجَدْناه قد قُتلَ وقد مثَّلَ به المُشرِكونَ، فما عرَفَه أحَدٌ إلا أُختُه ببَنانِه، قالَ أنَسٌ: كنا نُرَى أو نَظُنُّ أنَّ هذه الآيةَ نزَلَت فيه وفي أشباهِه ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ … ﴾ [لقمان: ٢٣] إلى آخِرِ الآيةِ» (١).

قالَ ابنُ القَيمِ في مَعرِض بَيانِ الفَوائِدِ المُستنبَطةِ من غَزوةِ أُحُدٍ: ومنها جَوازُ الانغِماسِ في العَدوِّ كما انغَمسَ أنَسُ بنُ النَّضرِ وغيرُه (٢).

وعن أسلَمَ أبي عِمرانَ قالَ: «كُنا بمَدينةِ الرُّومِ فأخرَجُوا إلَينا صَفًّا عَظيمًا من الرُّومِ، فخرَجَ إليهم من المُسلِمينَ مِثلُهم أو أكثَرُ، وعلى أهلِ مِصرَ عُقبةُ بنُ عامِرٍ، وعلى الجَماعةِ فَضالةُ بنُ عُبيدٍ، فحمَلَ رَجلٌ من المُسلِمينَ على صَفِّ الرُّومِ، حتى دخَلَ فيهِم فَصاحَ الناسُ، وقالُوا: سُبحانَ اللهِ، يُلقي بيَديْه إلى التَّهلُكةِ، فقام أبو أيُّوبَ فقالَ: يا أيُّها الناسُ، إنَّكم


(١) رواه البخاري (٢٦٥١).
(٢) «زاد المعاد» (٣/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>