للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناحيةِ وتلك البَلدِ، قالَ البُجيرِميُّ: فمحَلُّ جَوازِ عَقدِ الأمانِ للحَربيِّ في المَحصورِ إذا لم يَلزمْ عليه سَدُّ بابِ الجِهادِ، وإلا امتُنِعَ، بل رُبَّما يُقالُ: إنَّه حينَئذٍ من غيرِ المَحصورِ لما قَرَّروه هنا من أنَّ المُرادَ بالمَحصوِر هنا ما لا يَلزمُ عليه سَدُّ بابِ الجِهادِ وبغيرِ المَحصورِ ما يَلزمُ عليه سَدُّه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ويَصحُّ أمانُ الإمامِ لجَميعِ الكُفارِ وآحادِهم؛ لأنَّ وِلايَتَه عامةٌ على المُسلِمينَ، ويَصحُّ أمانُ الأميرِ لمَن أُقيم بإزائِه من المُشرِكينَ، فأمَّا في حَقِّ غيرِهم فهو كآحادِ المُسلِمينَ؛ لأنَّ وِلايَتَه على قِتالِ أولئك دونَ غيرِهم، ويَصحُّ أمانُ آحادِ المُسلِمينَ للواحِدِ والعَشرةِ والقافِلةِ الصَّغيرةِ والحِصنِ الصَّغيرِ … ولا يَصحُّ أمانُه لأهلِ بَلدةٍ ورُستاقٍ وجَمعٍ كَثيرٍ؛ لأنَّ ذلك يُفضي إلى تَعطيلِ الجِهادِ والافتئاتِ على الإمامِ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: إذا أمَّنَ غيرُ الإمامِ إقليمًا وجَبَ نَظَرُ الإمامِ في ذلك؛ فإنْ كانَ صَوابًا أمضَاه، وإلا رَدَّه وتَولَّى الحُكمَ بنَفسِه، وذلك لأنَّ تَأمينَ الإقليمِ من خَصائِصِ الإمامِ.

والمُرادُ بالإقليمِ: العَددُ الذي لا يَنحصِرُ.

أمَّا تأمينُ الذَّكرِ الحُرِّ البالِغِ المُسلِمِ العَددَ المَحصورَ؛ فإنَّه يَسقطُ به القَتلُ، ولا يَتوقَفَ على إمضاءِ الإمامِ؛ لأنَّه ماضٍ على نَفسِه.


(١) «حاشية البجيرمي على منهج الطلاب» (٤/ ٣٣٥)، و «حواشي الشرواني» (٩/ ٢٦٦).
(٢) «المغني» (٩/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>