للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَصحُّ أنْ يُعطيَ أحَدُ الأفرادِ الأمانَ إلا للنَّفرِ اليسَيرِ، أمَّا النَّفرُ الكَثيرُ فلا يَجوزُ إلا للإمامِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ أمانُ آحادِ المُسلِمينَ إلا للنَّفرِ اليسَيرِ الواحِدِ والعَشرةِ والقافِلةِ الصَّغيرةِ والحِصنِ الصَّغيرِ والعَددِ المَحصورِ … ولا يَصحُّ أمانُه لأهلِ بَلدةٍ ورُستاقٍ وجَمعٍ كَثيرٍ؛ لأنَّ ذلك يُفضي إلى تَعطيلِ الجِهادِ والافتِئاتِ على الإمامِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : يَصحُّ من كلِّ مُسلمٍ مُكلَّفٍ مُختارٍ أمانٌ حَربيٌّ وعَددٌ مَحصورٌ منهم، قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: كأهلِ قَريةٍ صَغيرةٍ فقط، وخرَجَ وبالمَحصورِ غيرُهم كأهلِ بَلدٍ أو ناحيةٍ فلا يُؤمِّنُهم الآحادُ لئلَّا يَتعطَّلَ الجِهادُ فيها بأمانِهم (٢).

وقيَّد الرَّمليُّ الشافِعيُّ العَددَ المَحصورَ بمِئةٍ فقط، فقالَ: وعَددٌ مَحصورٌ من أهلِ الحَربِ كمِئةٍ فقط، أي: دونَ غيرِ المَحصورِ كأهلِ بَلدٍ كَبيرٍ؛ لأنَّ هذه هُدنةٌ، وهي مُمتنَعةٌ من غيرِ الإمامِ (٣).

ونَصَّ الشافِعيةُ على أنَّ الأمانَ إذا أدَّى إلى انسِدادِ بابِ الجِهادِ في تلك الناحيةِ امتنَعَ على الإمامِ والآحادِ، وإلا جازَ لهما لئلَّا يَنسَدَّ الجِهادُ في تلك


(١) «الهداية» (٢/ ١٣٩)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٦٢)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٠)، و «الجوهرة النيرة» (٢/ ٣٦٤)، و «العناية» (٧/ ٤٦٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٣٤).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٧)، وانظر: «حاشية قليوبي» (٤/ ٢٢٦).
(٣) «نهاية المحتاج» (٨/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>