للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مُقابِلِ الأصَحِّ: يَصحُّ لدُخولِه في الضابِطِ.

قالَ الشِّربينيُّ : محَلُّ الخِلافِ في الأسيرِ المُقيَّدِ والمَحبوسِ، وإنْ لم يَكنْ مُكرَهًا؛ لأنَّه مَقهورٌ بأيديهم لا يَعرِفُ وَجهَ المَصلَحةِ؛ لأنَّ وَضعَ الأمانِ أنْ يأمَنَ المُؤمِنُ وليسَ الأسيرُ آمِنًا، أمَّا أسيرُ الدارِ -وهو المُطلَقُ بدارِ الكُفرِ المَمنوعُ من الخُروجِ منها- فيَصحُّ أمانُه كما في التَّنبيهِ وغيرِه، وعليه قالَ الماوَرديُّ: إنَّما يَكونُ مُؤمَّنُه آمِنًا بدارِ الحَربِ لا غيرُ، إلا أنْ يُصرِّحَ بالأمانِ في غيرِها، وبغيرِ الأسيرِ الكافِرِ؛ لأنَّه بالأسرِ ثبَتَ فيه حقٌّ للمُسلِمينَ، وقيَّدَه الماوَرديُّ بغيرِ الذي أسَرَه، أمَّا الذي أسَره؛ فإنَّه يُؤمِّنه إذا كانَ باقيًا في يَدِه لم يَقبِضْه الإمامُ كما يَجوزُ قَتلُه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى صِحةِ أمانِ الأسيرِ إذا أمَّنهم وكانَ آمِنًا على نَفسِه غيرَ مُكرَهٍ.

قالَ الحَطابُ : سُئلَ أشهَبُ عن رَجلٍ شذَّ عن عَسكَرِ المُسلِمينَ فأسَره العَدوُّ فطَلَبهم المُسلِمونَ فقالَ العَدوُّ للأسيرِ المُسلِمِ: «أعطِنا الأمانَ»، فأعطاهُم الأمانَ، فقالَ: إذا كانَ أمَّنهم وهو آمِنٌ على نَفسِه فذلك جائِزٌ، وإنْ كانَ أمَّنهم وهو خائِفٌ على نَفسِه فليسَ ذلك بجائِزٍ. وقَولُ الأسيرِ في ذلك جائِزٌ. مُحمدٌ: وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ (٢).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٧)، وانظر: «نهاية المحتاج» (٨/ ٨٠).
(٢) «مواهب الجليل» (٣/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>