للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ عامةُ من نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ أمانَ المَرأةِ الحُرةِ جائِزٌ … وممَّن قالَ بأنَّ أمانَ المَرأةِ جائِزٌ مالِكُ بنُ أنَسٍ وسُفيانُ الثَّوريُّ والأَوزاعيُّ والشافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأصحابُ الرأيِ. وكذلك نَقولُ: ودلَّت الأخبارُ الثابِتةُ عن رَسولِ اللهِ الدَّالةُ على ذلك، مِنْ إجارةِ أمِّ هانِئٍ وزَينبَ بِنتِ رَسولِ اللهِ، فأمضى رَسولُ اللهِ لهما ذلك.

وقالَت عائِشةُ : «إنْ كانَت المَرأةُ لتُجيرُ على المُؤمِنينَ فيَجوزُ ذلك»، ولِهذا قالَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ عُلماءِ الأمصارِ؛ إلا شَيئًا ذكَرَه عبدُ المَلكِ صاحِبُ مالِكٍ لا أحفَظُ ذلك عن غيرِه، سُئلَ عبدُ المَلكِ عن الأمانِ إلى مَنْ هو؟ فقالَ: ذاك إلى الأئِمةِ ووالي الجَيشِ ووالي السَّريةِ والجَيشِ. قيلَ: فما جاءَ أنَّه يُجيرُ على المُسلِمينَ أدناهم ويَرُدُّ عليهم أقصاهم، وما جاءَ من أمرِ أمِّ هانِئٍ ومَن أجارَت؟ فقالَ: لعَلَّ الذي جاءَ من ذلك إنَّما كانَ بعدَما بانَت وُجوهُه، وعلِمَ أنَّه في تلك الحالِ أوْلى، وهو المُصلِحُ للإسلامِ وأهلِه، ولَعلَّ ذلك في ذلك الوَقتِ خاصةً، فأمَّا أمرُ الأمانِ فهو إلى الإمامِ، وهو فيما أعلَمُ من أعظَمِ ما استُعمِل له.

قالَ أبو بَكرٍ: يَترُكُ ظاهِرَ الأخبارِ بأنْ يُكرِّرَ (لَعلَّ) في كَلامِه، وقلَّ

شَيءٌ إلا وهو يَحتمِلُ (لَعلَّ)، وتَركُ ظاهِرِ الأخبارِ غيرُ جائِزٍ للعِللِ، وفي قَولِ رَسولِ اللهِ : «ويَسعى بذِمتِهم أدْنَاهم» دَليلٌ على إغفالِ هذا القائِلِ، ثم هو مع ذلك خِلافُ خَبرِ أمِّ هانِئٍ وزَينبَ بِنتِ رَسولِ اللهِ ، وخِلافُ قَولِ عائِشةَ ، وخِلافُ ما قالَ أُستاذُه

<<  <  ج: ص:  >  >>