للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا مُحاوَلةُ الحُصولِ على المَعلوماتِ المُتعلِّقةِ بالوَضعِ العَسكريِ للجَيشِ الإسلاميِّ أو للدَّولةِ الإسلاميةِ فهو كما جاءَ في قِصةِ «العَينِ» أو: «الجاسوسِ» الذي تَغدَّى مع المُسلِمينَ، وهُم يَستَعِدُّون لحَربِ «هَوازِنَ» في «حُنَينٍ» ليَطَّلعَ على جَيشِ المُسلِمينَ، ففي صَحيحِ البُخاريِّ عن سَلمةَ ابنِ الأكوَعِ قالَ: أتى النَّبيَّ عَينٌ من المُشرِكينَ وهو في سَفرٍ، فجلَس عندَ أصحابِه يَتحدَّثُ، ثم انفتَلَ، فقالَ النَّبيُّ : «اطلُبوه واقتُلوه، فقتَلَه فنفَّلَه سلَبَه» (١).

وعندَ مُسلمٍ في القِصةِ نَفسِها: « … ثم تَقدَّمَ يَتغدَّى مع القَومِ وجعَلَ يَنْظُرُ وفينا ضَعفةٌ ورِقَّةٌ في الظَّهرِ وبَعضُنا مُشاةٌ إذ خرَجَ يَشتَدُّ … » (٢).

وعند أحمدَ وابنِ حِبانَ في صَحيحِه في القِصةِ نَفسِها: « … فأتى بَعِيرهُ فقعَد عليه فخرَجَ يَركُضُه وهو طَليعةٌ للكُفارِ … » (٣).

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : الطَّليعةُ: أي: مَنْ يُبعَثَ إلى العَدوِّ ليَطَّلعَ على أحوالِهم، وهو اسمُ جِنسٍ يَشمَلُ الواحِدَ فما فَوقَه (٤).

وعلى هذا فالمُرادُ بالتَّجسُّسِ هنا ليسَ هو مُجرَّدَ الحُصولِ على أيِّ مَعلوماتٍ تَتَّصِلُ بأحوالِ المُسلِمينَ ونَقلِها إلى الدُّولِ أو الجِهاتِ غيرِ


(١) رواه البخاري (٢٨٨٦).
(٢) رواه مسلم (١٧٥٤).
(٣) رواه الإمام أحمد (١٦٥٨٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٨٤٣).
(٤) «فتح الباري» (٦/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>