للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا مَعنى التَّجسُّسِ في اللُّغةِ، وكلُّها تَدورُ في فَلكِ هذه المَعاني: التَّتبُّعِ للمَعلوماتِ والأخبارِ، وتَفحُّصِها من أجلِ التَّثبُّتِ منها، والتَّفتيشِ عن الأسرارِ أو بَواطِنِ الأُمورِ.

ب- وأمَّا ما يَتَّصِلُ بالأعمالِ التي تُعتبَرُ من التَّجسُّسِ والتي لا تُعتبَرُ فهي:

التَّجسُّسُ على عَوراتِ المُسلِمينَ، ونَقلُ المَعلوماتِ التي تُعتبَرُ من الأخبارِ السِّرِّيةِ في الحَربِ، ومُحاوَلةُ الحُصولِ على المَعلوماتِ المُتعلِّقةِ بالوَضعِ العَسكريِّ للجَيشِ الإسلاميِّ، أو للدَّولةِ الإسلاميةِ.

والمُرادُ بعَوراتِ المُسلِمينَ هنا -هو ما جاءَ في المِصباحِ المُنيرِ- قالَ: «العَورةُ في الثَّغرِ والحَربِ خَللٌ يُخافُ منه والجَمعُ عَوراتٌ» (١).

وجاء في بعضِ ما يَقومُ به الجاسوسُ لمَصلَحةِ الأعداءِ ما قالَه الدَّرديرُ في «الشَّرحِ الكَبيرِ»: كأنْ يَكتُبَ لهم كِتابًا أو يُرسِلَ رَسولًا بأنَّ المحَلَّ الفُلانيَّ للمُسلِمينَ لا حارِسَ فيه، مَثلًا، ليأتوا منه (٢).

وأمَّا نَقلُ المَعلوماتِ التي تُعتبَرُ من الأخبارِ السِّريةِ في الحَربِ فمِثالُه ما ذُكِر في كِتابِ «الأُمِّ» للشافِعيِّ عن بعضِ ما يَقومُ به الجاسوسُ: يَكتُبُ إلى المُشرِكينَ من أهلِ الحَربِ بأنَّ المُسلِمينَ يُريدون غَزوَهم (٣). أي: حينَ تُريدُ الدَّولةُ الإسلاميةُ إحاطةَ التَّحضيراتِ العَسكريةِ لهذا الغَرضِ بالسِّريةِ والكِتمانِ، ثم يَكتشِفُ أحَدُهم هذا الأمرَ، فيُحاوِلُ أنْ يَقومَ بإخبارِ العَدوِّ بذلك كما في قِصةِ حاطِبِ بنِ أبي بَلتَعةَ الآتي ذِكرُها.


(١) «المصباح المنير» (٢/ ٤٣٧).
(٢) «الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٥).
(٣) «الأم» (٤/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>