للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنِ اختارَ الفِداءَ فشَرطُه أنْ يَكونَ له فيهم عِزٌّ أو عَشيرةٌ يُسلِّمُ بها دِيَتَه ونَفسَه، وسَواءٌ قُلنا: يَرِقُّ أو يَجوزُ إرقاقُه فأرَقَّه كانَ غَنيمةً، وكذا لو فاداه بمالٍ كانَ غَنيمةً، ولو أسلَمَ قبلَ أسرِه والظَّفرِ به عُصمَ دَمُه ومالُه، سَواءٌ أسلَمَ وهو مَحصورٌ، وقد قرُبَ الفَتحُ أو أسلَمَ في حالِ أمْنِه، وسَواءٌ أسلَم في دارِ الحَربِ أو الإسلامِ، ويُعصَمُ أيضًا أولادُه الصِّغارُ عن السَّبيِ، ويُحكَمَ بإسلامِهم تَبعًا له (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ أسلَمَ الأسيرُ صارَ رَقيقًا في الحالِ وزالَ التَّخييرُ وصارَ حُكمُه حُكمَ النِّساءِ، وبه قالَ الشافِعيُّ في أحَدِ قَولَيه.

وفي الآخَرِ: يَسقُطُ القَتلُ ويَتخيَّرُ بينَ الخِصالِ الثَّلاثِ؛ لما رُويَ: أنَّ أصحابَ رَسولِ اللهِ أسَروا رَجلًا مِنْ بَني عَقيلٍ، فمَرَّ به النَّبيُّ فَقالَ: يا مُحمدُ، عَلامَ أُخِذتُ وأخَذتَ سابِقةَ الحاجِّ، فقالَ: أُخِذتَ بجَريرةِ حُلَفائِك مِنْ ثَقيفٍ، فقد أسَرتَ رَجلَينِ مِنْ أصحابي. فمَضى النَّبيُّ فناداه: يا مُحمدُ، يا مُحمدُ. فقالَ له: «ما شأنُك؟» فقالَ: إنِّي مُسلِمٌ، فقالَ: «لو قُلتَها وأنتَ تَملِكُ أَرَك لأفلَحتَ كُلَّ الفَلاحِ، وفادَى به النَّبيُّ الرَّجلَينِ» (٢).

رَواه مُسلِمٌ، ولأنَّ القَتلَ سقَطَ بإسلامِه فبَقيَ باقي الخِصالِ على ما كانَت عليه.


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٥٢).
(٢) رواه مسلم (١٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>