للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهِرُ أنَّ مَحلَّ حُرمةِ حَملِ رأسِ الحَربيِّ لبَلدٍ ثانٍ ما لم يَكنْ في ذلك مَصلَحةٌ شَرعيةٌ كاطمِئنانِ القُلوبِ بالجَزمِ بمَوتِه، وإلا جازَ، فقد حُمِل للنَّبيِّ رأسُ كَعبِ بنِ الأشرَفِ من خَيبَرَ للمَدينةِ (١).

وقالَ الإمامُ أبو يَحيى زَكريَّا الأنصاريُّ الشافِعيُّ : (ويُكرَهُ نَقلُ رُؤوسِ الكُفارِ) ونَحوِها من بِلادِهم (إلى بِلادِنا) لِما رَوى البَيهَقيُّ أنَّ «أبا بَكرٍ أنكَرَ على فاعِلِه وقالَ: لمْ يُفعَلْ في عَهدِ النَّبيِّ » وما رُوي من حَملِ رأسِ أبي جَهلٍ فقد تَكلَّموا في ثُبوتِه وبتَقديرِ ثُبوتِه، فإنَّما حُمِل من مَوضِعٍ إلى مَوضِعٍ لا مِنْ بَلدٍ إلى بَلدٍ، وكأنَّهم فعَلوه ليَنظُرَ الناسُ إليه فيَتحقَّقوا مَوتَه، واستَثنَى الماوَرديُّ والغَزاليُّ ما إذا كانَ فيه نِكايةٌ في الكُفارِ، قالَ في الأصلِ: ولم يَتعرَّضْ له الجُمهورُ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ويُكرَهُ نَقلُ رُؤوسِ المُشرِكينَ من بَلدٍ إلى بَلدٍ، والمُثلةُ بقَتلاهم، وتَعذيبُهم؛ لما رَوى سَمُرةُ بنُ جُندُبٍ قالَ: «كانَ النَّبيُّ يَحثُّنا على الصَّدقةِ ويَنهانا عن المُثلةِ» (٣).

وعن عبدِ اللهِ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «إنَّ أعَفَّ الناسِ قِتلةً أهلُ الإيمانِ» (٤) رَواهما أبو داودَ.


(١) «حاشية الدسوقي» (٢/ ١٧٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١١٥).
(٢) «أسنى المطالب» (٤/ ١٩٢)، و «المهذب» (٢/ ٢٣٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٢٦).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٦٦٧).
(٤) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢٦٦٦)، وابن ماجه (٢٦٨١) وغيرُهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>