للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ خَليلٌ : ووجَبَ إنْ رَجا حَياةً أو طُولَها كالنَّظرِ في الأسرى بقَتلٍ أو مَنٍّ أو فِداءٍ أو جِزيةٍ أو استِرقاقٍ (١).

قالَ الحَطَّابُ : قالَ ابنُ رُشدٍ: ذهَبَ مالِكٌ وجُمهورُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّ الإمامَ مُخيَّرٌ في الأسرى بينَ خَمسةِ أشياءَ: فإمَّا أنْ يَقتُلَ، وإمَّا أنْ يأسِرَ ويَستَعبِدَ، وإمَّا أنْ يُعتِقَ، وإمَّا أنْ يَأخذَ فيه الفِداءَ، وإمَّا أنْ يَعقِدَ عليه الذِّمةَ ويَضرِبَ عليه الجِزيةَ، وهذا التَّخييرُ ليسَ على الحُكمِ فيهم بالهَوى، وإنَّما هو على جِهةِ الاجتِهادِ في النَّظرِ للمُسلِمينَ، كالتَّخييرِ في الحُكمِ في حَدِّ المُحارِبِ.

فإنْ كانَ الأسيرُ مِنْ أهلِ النَّجدةِ والفُروسيةِ والنِّكايةِ للمُسلِمينَ قتَله الإمامُ ولم يَستحْيِه، وإنْ لم يَكنْ على هذه الصِّفةِ وأُمِنَت غائِلتُه وله قيمةٌ استَرقَّه للمُسلِمينَ أو قَبِل فيه الفِداءَ إنْ بُذلَ فيه أكثَرُ من قيمَتِه، وإنْ لم تَكنْ له قيمةٌ ولا فيه مَحمَلٌ لأداءِ الجِزيةِ أعتَقَه كالضُّمناءِ والزَّمنى الذين لا قِتالَ عندَهم ولا رأْيَ لهم ولا تَدبيرَ … وإنْ لم تَكنْ له قيمةٌ وفيه مَحمَلٌ لأداءِ الجِزيةِ عقَد له الذِّمةَ وضرَب عليه الجِزيةَ، وإنْ رأى الإمامُ مُخالَفةَ ما وَصَفناه من وُجوبِ الاجتِهادِ كانَ ذلك له مِثلَ أنْ يَبذُلَ الفارِسُ المَعروفُ بالنَّجدةِ والفُروسيةِ في نَفسِه المالَ الواسِعَ الكَثيرَ فيَرى الإمامُ أخْذَه أوْلى من قَتلِه (٢).


(١) «مختصر خليل» (١٠٢).
(٢) «التاج والإكليل» (٣/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>