للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا لا إلهَ إلا اللهُ» (١). فدلَّت الآيةُ والحَديثُ على أنَّ سَببَ القِتالِ هو الكُفرُ؛ لأنَّه قالَ: ﴿حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أي: كُفرٌ، فجعَلَ الغايةَ عَدمَ الكُفرِ، وهذا ظاهِرٌ. قالَ ابنُ عَباسٍ وقَتادةُ والرَّبيعُ والسُّديُّ وغيرُهم: الفِتنةُ هنا: الشِّركُ وما تابَعه مِنْ أذَى المُؤمِنين.

وقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ أي: عن الكُفرِ، إمَّا بالإسلامِ، كما تَقدَّمَ في الآية قبلُ، أو بأداءِ الجِزيةِ في حَقِّ أهلِ الكِتابِ، على ما يَأتي بَيانُه في: «بَراءةٌ» وإلا قُوتِلوا، وهُم الظالِمون لا عُدوانَ إلا عليهم (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : ويَجوزُ للمُسلِمِ أنْ يَقتُلَ من ظفِرَ به مِنْ مُقاتِلةِ المُشرِكينَ مُحارِبًا وغيرَ مُحارِبٍ (٣).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ: وكانَ رَسولُ اللهِ وأصحابُه يَعفُونَ عن المُشرِكينَ وأهلِ الكِتابِ كما أمَرَهم اللهُ ويَصبِرونَ على الأذى.

قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦].

وقالَ اللهُ ﷿: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)[البقرة: ١٠٩].


(١) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (١٣٤).
(٢) «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٥٢، ٣٥٣).
(٣) «الأحكام السلطانية» ص (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>