للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكلُه، وإنْ كانَتْ كَثيرةً قد استَوعبَتْ رائِحةُ تلك النجاسةِ أو قارَبَها ففِي إباحةِ أكلِه وَجهانِ حَكاهُما ابنُ أبي هُريرةَ:

أحَدُهما: مُباحٌ؛ لأنه مِنْ أصلٍ مَأكولٍ.

والثَّاني: أنه حَرامٌ؛ لأنه قد صارَ مِنْ الخَبائثِ، وهَكذا نَقولُ في الجَديِ إذا ارتَضعَ مِنْ لَبنِ كَلبةٍ أو خِنزيرةٍ حتَّى نبَتَ له لَحمُه كانَتْ إباحةُ أكلِه على هَذينِ الوَجهينِ (١).

وقالَ النَّوويُّ : قالَ أصحابُنا: الجَلَّالةُ: هي التي تَأكلُ العَذرةَ والنَّجاساتِ، وتَكونُ مِنْ الإبلِ والبَقرةِ والغَنمِ والدَّجاجِ، وقيلَ: إنْ كانَ أكثَرُ أكلِها النَّجاسةَ فهي جلَّالةٌ، وإنْ كانَ الطاهِرُ أكثَرَ فلا، والصَّحيحُ الذي عليهِ الجُمهورُ أنه لا اعتِبارَ بالكَثرةِ، وإنما الاعتِبارُ بالرَّائحةِ والنَّتنِ، فإنْ وُجدَ في عُرفِها وغيرِه رِيحُ النَّجاسةِ فجلَّالةٌ، وإلا فَلا، وإذا تَغيَّرَ لَحمُ الجلَّالةِ فهو مَكروهٌ بلا خِلافٍ، وهل هي كَراهةُ تَنزيهٍ أو تَحريمٍ؟ فيه وَجهانِ مَشهورانِ في طَريقةِ الخُراسانيِّينَ: أصَحُّهما عندَ الجُمهورِ وبه قطَعَ المُصنِّفُ وجُمهورُ العِراقيينَ وصحَّحَه الرُّويانِيُّ وغيرُه مِنْ المُعتمدينَ: أنه كَراهةُ تَنزيهٍ، قالَ الرَّافعيُّ: صحَّحَه الأكثَرونَ، والثاني: كَراهةُ تَحريمٍ، قالَه أبو إسحاقَ المَروزيُّ والقفَّالُ وصحَّحَه الإمامُ والغَزاليُّ والبَغويُّ، وقيلَ: هذا الخِلافُ


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١٤٧، ١٤٨)، و «المهذب» (١/ ٢٥٠)، و «البيان» (٤/ ٥٠٨، ٥٠٩)، و «أحكام القرآن» (٤/ ١٩٢)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢١٧)، و «المبسوط» (١١/ ٢٥٥)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٩، ٤٠)، و «المغني» (٩/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٣٩٤، ٣٩٥)، رقم (١٧٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>